\"رحّالة\" هي رواية مثيرة ومبتكرة للكاتبة البولندية المعروفة، أولغا توكارتشوك، والتي تنطلق بنا في رحلة ملحمية ليس فقط عبر أماكن مختلفة من العالم، بل أيضًا عبر دروب الفكر والقلب الإنساني. تقع الرواية في 376 صفحة غنية بالقصة والتأمل الفلسفي، مما يجعلها تجربة أدبية فريدة وممتعة للقراء.
تدور أحداث الرواية حول فتاة صغيرة تشعر بالعزلة والخوف في بيئتها المحلية، فتقرر الهروب نحو آفاق جديدة. تبدأ رحلتها الأولى باتجاه النهر القريب، مصممة على توسيع آفاقها المعرفية والفكرية. ومع مرور الوقت، تصبح الفتاة امرأة مستقلة ومتحررة، تستكشف العالم الخارجي بينما تدخل في مغامرات ذهنية عميقة داخل روحها وجسدها.
تنقسم الرواية بين ثلاث شخصيات رئيسية: الطفلة الصغيرة، الشابة المغامرة، وأولغا المؤلفة التي تعكس تفكير الشخصية الرئيسية وتعبر عنه. تعتمد القصة بشكل كبير على التفاصيل الدقيقة للحياة اليومية، بدءاً من زيارات المتحف وحتى اللحظات الأكثر حميمية كالاستعداد للسفر. كما أنها تضم مجموعة متنوعة من المواضيع المثيرة للاهتمام بما في ذلك الموت والحياة والهجرة والتغير الاجتماعي.
ومن بين الجمل المؤثرة الموجودة في الرواية هي: \"وجودي ذاته هو الشيء الوحيد الذي له حدود مميزة الآن.\" بالإضافة إلى اقتباس آخر يقول: \"إنّ الطريقة الوحيدة للبقاء في هذا الزمن الممتدِّ الخطي هو أن تُحافظ على مسافة معقولة\". هذه الجمل وغيرها كثيرة تشكل جزءًا مهمًا من جمال النصوص المكتوبة وأسلوب الكاتب الخاص.
الأستاذة الدكتور أولغا توكارتشوك ولدت عام 1962 م، وقد ترك تأثير علم النفس الذي درست تأثيرًا واضحًا على كتاباتها. رغم نجاح أعمالها الأخرى مثل 'محراثك فوق العظام' و'بيت النهار... بيت الليل', إلا أن 'رحّالة' تميزت بجوائز عديدة منها جائزة مان الدوليّة وجائزة نوبل للأدب - ثمرة ثمار تقدير عالمي غير مسبوقة لإبداعها الأدبي الرائع.