خصائص الشِّعر التعليمي: مرآة التعلم والإبداع في العصر العباسي

برز الشِّعر التعليمي في العصر العباسي كأحد أهم أدوات التربية والتعليم، يتميز بعدة سمات مميزة جعلته رافداً أساسياً لنشر المعرفة والفكر. أولى هذه الخصائ

برز الشِّعر التعليمي في العصر العباسي كأحد أهم أدوات التربية والتعليم، يتميز بعدة سمات مميزة جعلته رافداً أساسياً لنشر المعرفة والفكر. أولى هذه الخصائص هو تركيزه الكبير على الخطاب العقلي؛ إذ ابتعد الشاعرون عن المشاعر الإنسانية والانفعالات واتجهوا نحو الاستدلال المنطقي والتفكير البعيد النظر. يعود هذا التحول إلى ارتفاع مستوى الثقافة والفكر خلال تلك الفترة الزمنية، حيث أصبح للشعر الغرض في تنمية القدرات العقلية للقارئ وتحفيزه لاستخدام مهاراته التأملية والاستنتاجية بشكل فعال.

ومن ضمن خصائصه كذلك كلمات مختصرة ذات معاني عميقة توضح مبدأ "القليل من الشيء الكثير"، حيث سهّل شعراء التعليم كتابة أبيات شعر سهلة الحفظ للمتعلمين لتسهيل عملية اكتساب العلم والمعرفة الجديدة عليهم دون تكلف ولا حشو كلام غير ضروري. كما اتسم بالتعدد الموضوعي الواسع النطاق، فلم يقتصر فقط على علوم الدين واللغة العربية وإنما توسع ليغطي مجالات مختلفة مثل التاريخ والحكايات الدينية والفلك وعلم النبات والطب والخطب العامة ونحوها.

ويُعرف الشِّعر التعليمي أصلاً بأنّه شكل أدبي يستهدف مخاطبة العقل وليس المشاعر والعواطف، نشأ واستفحل انتشاره في عصر ازدهرت فيه حركة البحث المعرفي والثقافي وكانت محوراً رئيسياً للحياة الاجتماعية آنذاك. سعى هذا النوع الأدبي لتحقيق هدف أساسي وهو مساعدة الأفراد على ترسيخ المفاهيم الشرعية والدنيوية داخل أذهان القرّاء بطريقة جذابة وبسيطة تساعد أيضا على الاحتفاظ بها لفترة طويلة.

وتبرهن ثمار استخدام الشعر في العملية التدريسية وفوائده العديدة، منها توجيه متلقيه نحوaxes أخلاقية حميدة وطريق مستقيمة للأفضل دائماً وفق تعليمات دينه سبحانه وتعالى. بالإضافة لرصد حقائق ومعلومات متعلقة بحقول علمية متنوعة بما فيها الحقائق الرياضية والجغرافية والكونية التي يمكن تلخيصها ببساطة لإمكان إدراكها أكثر لدى مستخدميه. فضلاً عن ذكر سير الأنبياء وأخبار الخلائق العامة وشرح الوقائع التاريخية بالأزمان المرتبطة بها ترتيبًا زمانيًا منطقيًّا ترتيب الحدث نفسه حسب تسلسله الطبيعي. إن تأثير الشِّعر التعليمي ليس محدودًا بفائدتين اثنتين ولكن تعددت أغراضه وآثار إيجابيته ودوره المؤثر واضحٌ جدًا في ثقافتنا الإسلامية عبر تاريخ سابق حديث حين كان الوسيلة المثالية للنقل المعرفي المباشر بين أجيال المسلمين منذ القدم وحتى يومنا الحالي بصورة مشابهة لجداول أيامنا الدراسية الحديثة لكن بإطار روحاني ثقافي مختلف تمام الاختلاف!

التعليقات