الشعر فى عهد الدولة المملوكية: تجليات الفكر والثقافة العربية الإسلامية

التعليقات · 1 مشاهدات

شكلت فترة حكم المماليك، التي امتدت لأكثر من ثلاثمائة سنة تقريبًا بين القرنين الثالث عشر والسابع عشر الميلادي، مرحلة حاسمة في تاريخ الأدب العربي والشعر

شكلت فترة حكم المماليك، التي امتدت لأكثر من ثلاثمائة سنة تقريبًا بين القرنين الثالث عشر والسابع عشر الميلادي، مرحلة حاسمة في تاريخ الأدب العربي والشعر بشكل خاص. هذه الفترة شهدت ازدهاراً ثقافياً وأدبياً لم يسبقه مثيل تحت مظلة الإسلام وتأثيراتها العالمية الواسعة.

كان للشعراء والمؤلفين خلال هذا العصر دور حيوي في تسجيل أحداث التاريخ والتعبير عنها بطريقة فنية مبدعة. كان شعر ذلك الوقت انعكاساً مباشراً للواقع الاجتماعي والسياسي والديني للمجتمع. حيث تناول الشعراء مواضيع متنوعة تتراوح بين الغزل والحكمة والأناشيد الدينية والأمجاد الحربية وغيرها الكثير.

ومن أهم سمات شعر تلك الحقبة بروز الشاعر كشخصية قيادية مؤثرة في المجتمع، بالإضافة إلى اعتماد الأسلوب البلاغي المكثف واستخدام اللغة العربية بكل براعة وفصاحة. كما برز الاهتمام بالرمزية والاستعارات والتي كانت تعكس عمقا فلسفيا وحكمة معبرة.

في مجال أشعار المدح والرثاء، استمر التقليد القديم لكن بنكهة جديدة تحمل طابعا مميزا لعصور المماليك. فقد ظهر نوع جديد يسمى "الأراجيز"، وهو شكل شعري يتم فيه مدح شخصيات بارزة مثل السلاطين والقادة العسكريين. وقد اشتهر بهذا النوع ابن نباتة المصري وابن خلّكان وغيرهما الكثير ممن أتبعوا خطاهم.

كما اتسمت قصائد الحب والعاطفة بإدخال عناصر جديدة تعبر عن مشاعر أكثر دقة وتعقيدا مما سبق له أن رأينا مثله قبل ذلك. وكان لذلك تأثير كبير أيضا على مسيرة الأدب الرومانسي لاحقا.

وفي المقابل، لم تغفل القصائد السياسية والإصلاحية دورها الحيوي أثناء الحكم المملوكي حيث غنت للفداء والجهاد ضد الغزو الصليبي وانتصار المسلمين بعد انتصارهم البطولي عليه. وهنا يأتي ذكر أبي تمام المصري وماذا قدم لتلك القضية عبر كتاباته المثيرة للإعجاب حول الانتصار الإلهي للأمة المسلمة وللرسالة النبوية الخاتمة.

ختاما، يعد شعر عصر المماليك جزء أساسي ومميز ضمن سجل التاريخ الثقافي الإنساني والذي يعكس طبيعة الحياة الاجتماعية والفكرية للعرب والإسلاميين آن ذاك بما فيه من قوة وصلابة وجهود علمانية واسعة النطاق تؤكد مكانتهم الريادية وسط الأمم الأخرى بغنى حضاري زاخر وعميق الجذور يؤرخ لكل فعل وإنجاز حققوه باسم دين الله عز وجل وبروح صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين ساروا درب الفتح والنصر والتقدم المستدام حتى يوم الدين.

التعليقات