بين أحضان طفولتي الأولى، كنا نقضي الأيام في خيال بريء ونحن نهجي الحياة مع الرياح. في تلك الفترة، الصدق هو القيمة التي تحمل أعلى مرتبة بيننا؛ فمن يكذب سرعان ما يبقى وحيدًا ويبتعد بينما تبقى صداقتنا لمن هم صادقون وتثبت مكانتهم كأبطال. كنت أشعر بأنني قادر على غرف ضوء الشمس بكفي وغمر العالم بنوره وعناق زهور الربيع وكأنها احتفال سنوي.
كانت قصص الجدات مصدر إلهام دائم لنا، تشبه الجداول المتدفقة بالأماني والحكمة، وكانت دموع ريمي وسعادة هايدي تحرك مشاعرنا والعزيمة داخل قلوبنا الصغيرة كالبالونة الملونة. أما بل، فهو يجسد الشجاعة والفداء، وأثرى مخيلتنا بالأمثلة البطولية. نعم، حينذاك، رغم بساطة أعمارنا، إلا أن حنان القلب والنقاء روحياً جعلونا جميعاً وجهات نظر مختلفة ولكن متحدة تحت سقف واحد.
لم تكن حياتنا كاملة بدون مدرسنا المحبوب والمعلم الجليل، كنزه علم ومعرفة وحكمة. عندما يأمر بالقيام للوقوف انتفض الجميع كالجند المرابطين خلف الراية الحمراء، وكل دروسنا كانت محط اهتمام حتى لو استغرقت الليل في الاستعداد لها والخوف منها! لكن هذا الخوف كان عملاً مقدماً للتطور والإبداع لاحقاً .
لقد تعلمنا الكثير حول الرياضيات وفلسفتها عبر قصة "الصفر". بحثناه بكلتا يديه قبل أن يخبرنا بأنه ليس مجرد رقم وإنما رمز للعجز والتوقف المؤقت نحو البدء من جديد بإيجابية وإتقان أكثر مما سبق وتميز.
وأخيراً وليس آخراً، فقد تحدث مع أستاذنا ذات مساء قائلاً:" كم أتمنى أن نعيش هذه اللحظات مرة أخرى!" فأجابته بصراحة صادمة: نحن اليوم -مع كل تفاصيل الواقع وتعقيده- هي صفر مقارنة بتلك السنوات المباركة بالنسبة لعقول ملأت الفراغ بحلو الياسمين وعدم اليأس أبداً. إنها لحظة فهم انطباعية جميلة حقاً!