يُعدُّ الشاعر الجاهلي الكبير "النابغة الذبياني"، أحد أهم شعراء العرب الذين سبقوا ظهور الإسلام بربع قرن تقريبًا. وُلد حوالي العام الخامس بعد الميلاد وتوفي سنة 592 ميلادية. يُعتبر ديوان شعر النابغة مصدرًا غنيًا للتراث الثقافي والشعري للعرب قبل الإسلام بشكل خاص وللثقافة العربية عموماً. يتميز شعر النابغة بالبساطة والكثافة والمعنى العميق رغم قصر أبياته مقارنة بشعر كثير من معاصريه وأقرانه.
تتميز أشعار النابغة بمجموعة متنوعة من المواضيع التي تعكس حياته اليومية ومجتمعه حينها؛ فأشعار مديحه لقبيلته الزبانية هي دليل واضح على الولاء والقوة القبلية التي كانت سائدة آنذاك. كما أنه كان معروفاً بصراحة الرأي ولم يخفِ رأيه حتى وإن كان ضد الملك الحاكم كمسلمة بن مالك الكناني. ومن أشهر قصائده المعروفة "الشعرية": القصيدة الشهيرة التي وصف فيها خيله وحماسته للركوب وصيد الغزلان والتي تبدأ بـ "سلوت بني ذبيانَ". هذه الأبيات ليست فقط انعكاساً للحياة البدوية خلال تلك الفترة ولكن أيضاً محاولة لتوضيح مكانتهم الاجتماعية وتميزهم بين القبائل الأخرى.
بالإضافة لذلك، يلمح النابغة إلى العديد من القيم والأخلاقيات التي تعتبر جزءً أساسيّاً من الهوية العربية مثل الصداقة والإخلاص والإيثار والتضحية والفروسية وغيرها الكثير مما يمكن رصده عبر دراسة دؤوبة لأشعاره. ويبدو إن موهبته الفذة وشخصيته الواضحة قد جعلتا منه شخصية بارزة ليس فقط للشعراء القدامى ولكنه أيضًا للمبدعين المعاصرين ممن تأثر بهم وبآثار إبداعاته الخالدة. إنه حقاً رمز للأدب والثقافة العربية القديمة يستحق الاحترام والدراسة المتعمقة لجمهور المهتمين بالتاريخ الأدبي العربي.
