رغم شهرته الواسعة وتأثيره المؤثر في التاريخ العربي القديم، يبقى تاريخ ميلاد حاتم الطائي لغزا محيرا حتى الآن. هذا الرجل الذي أصبح رمزا لكرم النفوس وللحسن الضيافة، له سند نسابي واضح ومفصل يصل إلى أبجديات العرب قبل الإسلام. لكن التفاصيل الدقيقة حول بداية رحلته الحياتية تبقى غامضة وغير مؤكدة بشكل قاطع.
بعيدا عن النقاشات الساخنة والمناقشات الفلسفية، يمكننا استنتاج تقديري بناء على بيانات الوفاة المتوفرة لدينا. وفقا للتسجيلات التاريخية، توفي حاتم الطائي عام 605 ميلادي تقريبا. وهذا يعني أنه ربما ولد حوالي القرن الخامس للميلاد، ولكن بدون دليل مباشر يؤكد ذلك تماما. قد يكون قد عاش خلال فترة تمتد بين نهاية القرن الرابع وبداية القرن السابع، وهو نطاق زمني واسع نسبيا يعكس حالة عدم اليقين المتبقية بشأن وقت مولده.
شخصية حاتم الطائي مليئة بالإثارة والأحداث المثيرة للاهتمام خارج مجال كرمه المعروف عالميا. فهو شاعر معروف أيضا، رغم عدم وجود قدر كبير مما كتب محفوظ حتى يومنا هذا. ومع ذلك، فإن القصائد الموجودة تحت اسمه تعكس بلا شك شخصيته البارزة والكبيرة، كما أنها تشهد على براعتة الأدبية. أحد أبياتها الشهيرة يقول: "وعاذلة قامت علي تلومني/أنني إذا أعطيت ماليا أضمها". هنا يُظهر لنا مدى سخائه وكرمه الذي تجاوز الحدود التقليدية للإيثار والجود.
مسيرة حياة حاتم الطائي كانت مليئة بالقصة والدراما الشخصية أيضًا. لقد نشأ لدى جده بعد وفاة والده عندما كان طفلا صغيرا، الأمر الذي شكل جزءا مهما من خلفيته وقد ساهم في تطوير سماته القيادية والإنسانية لاحقا.
على الرغم من أن العدد الدقيق للأشعار المنقولة عنه غير معروف بدقة بسبب ضيق وسائل الاتصال والتدوين آنذاك، إلا أن التأثيرات الشعرية لحاتم الطائي واضحة في العديد من الأعمال العربية القديمة مثل كتاب "الأغاني" لديوان الحماسة وبالتأكيد في الدواوين التي تحمل اسمه الخاص والتي تجمع أفكار ونظريات حول حياته وظلمه وشعره. كانت شخصية مشهورة للغاية فيما يتعلق بكرمه الشخصي وإخلاصه لعائلته وأمجاده العديدة الأخرى التي جعلته يستحق مكانته كمصدر إلهام للأجيال المقبلة عبر التاريخ الإنساني والعربي خاصة .