الشوق حالة نفسية عميقة تجتاح الفؤاد فتستولي عليه وتجعل منه سجيناً للحنين الدائم إلى المحبوب. هذه هي الحالة التي يصفها الشعراء بكلمات مليئة بالعاطفة والعذوبة حينما يتحدثون عنها. وفي هذا السياق نجد العديد من الأبيات الشعرية الرائعة التي تعكس قمة الوجد والشجن الصوفي.
من بين هؤلاء الشعراء الذين برعوا في وصف الشوق بكل أسراره وألوانه، يأتي أبو الحسن الششتري بقولته الشهيرة "أيا عاذلي كم عانيتَ من حربي وهزمتُ دون الحربِ"، والتي تشير إلى شدة اشتياقه ولوعته بالحب. كما كتب ابن عربي قائلا: "أنا البحر إن غرق ففيه وإن خلا فهو بحري". هنا يُظهر كيف أن قلبه امتلأ بالحياة بعد لقائه مع محبوبته حتى أصبح هو نفسه ذا طابع روحي خاص.
إلى جانب ذلك، هناك أمثلة أخرى كثيرة لأبيات شعرية تصور الشوق بطريقة فريدة وجذابة. مثلا يقول ابن الفارض في إحدى قصائده: "سقى الله وجهَ الحبيبِ وردٌ كدمعي/ وسقاكم يا زهور الحبِّ مدراري". يعبر فيها عن رغبته العميقة بأن يستنشق رائحة المحبوب مثل الزهرة التي تسقي بدمع عيني عاشقٍ جامح!
هذه القصائد ليست فقط شهادات للشعر الجميل ولكن أيضا انعكاس لعظمة مشاعر الإنسان النبيل تجاه مَن يحب. إنها تحكي قصة الألم المتأصل داخل النفس عندما تفترق الأحبة بعيدا، لكنها كذلك احتفال بالحياة الروحية والإنسانية الجميلة تلك الحياة المرتبطة ارتباطا وثيقا بالتجارب العاطفية العميقة. لذا فإن أبيات الشوق تبقى خالدة عبر الدهور لنقل رسالة بسيطة ودقيقة وهي قوة الحب وعظم تأثيره علي حياة البشر .