يعتبر علم البحار شهادة قاطعة على رحمة الخالق وعظمته؛ فهي ليست مجرد مسطح مائي يحدد حدود الأراضي العالمية فقط، وإنما هي أرض خصبة للحياة البرية المتنوعة والحكمة الإلهية التي تفوق خيال البشر. إنها ملاذ سري وغامض يحمل أسراراً تخطف الذاكرة وتحبس الأنفس أمام عظمة الطبيعة. يقول ربنا سبحانه وتعالى: "وهو الذي سخر البحر لتأكول من فيه لحما طريا و تستخرجوا منه حلية تلبسونها و ترون الفلك موخرين فيه وليبتغوا من فضله و لعلكم تشكرون."
عالم البحار ليس مجرد مصدر للغذاء - كما يشير النص القرآني الكريم - ولكن أيضاً وسيلة نقل مهمة امتدت من زمن سيدنا نوح عليه السلام حتى وقتنا الحالي، حيث ساعد ابتكار السفن والبواخره في توسيع آفاق التجارة والثقافات الإنسانية. بالإضافة إلى ذلك، قدمت البحار كنوزاً ثمينة مثل اللآلئ والمرجان التي تزين ظهورنا بمظهر رائع. إن التصميم الدقيق للألوان والنباتات والحيوانات تحت الماء يعد مثالاً بارزاً لإبداع الخالق وعظيم قدرته.
بالرغم من هدوئها الخارجي، تحمل البحار في داخلها ثورة دائمة يمكن رؤيتها جليا أثناء استياء الأمواج المفاجئ. ومن ناحية أخرى، تكمن حياة بحرية فريدة ومعقدة خلف تلك الجدران الهادرة؛ إذ تعكس تجمعات الأسماك العملاقة، وحيدة الثدييات الضخمة، والفرائس الصغيرة الأخرى مدى تعدد الحياة ونظام البيئي البحري المعقد. ولا ينسى أحد جمال الأحجار والشعاب المرجانية المتعدد الألوان والتي تضيف رونقا ساحراً لهذا المكان الرائع.
وفي النهاية، فإن احترام وعناية بحفظ نظافة وصحة بيئات المحيط أمر ملزم أخلاقيا تجاه هذه الروائع الطبيعية الفائقة الجمال. فالاستكشاف المستمر للعالم المائي يكشف عن حقائق جديدة تبهر الجميع وتمثل تحدياً مستمرا لفهم القدرات البشرية والمعرفة العلمية. وبالتالي فإن مسؤوليتنا مشتركة لمواصلة التعلم واكتشاف المزيد حول هذا النظام البيئي الاستثنائي والحفاظ عليه لأجيال قادمة للاستمتاع بنعمه الدائمة.