تولّى أبو نواس، المعروف أيضاً باسم أبـي علي والحكمي، موقع الريادة في تحديث الشعر العربي خلال العصر الأموي والعصر العباسي المبكر. رغم شهرته بشعر الخمر والسهر، فقد مر بتحول عميق حيث اتجه لاحقاً لإنتاج قصائد زهادية. وكان سباقاً في مواجهة التقليديات القديمة واستحداث أشكال جديدة للشعر. هذا التحول واضح عبر عدة جوانب رئيسية:
البنية الشعرية: ابتعد أبو نواس عن الأنماط التقليدية الثلاثية والرباعية التي سادت الشعر العربي القديم. بدلاً من ذلك، قدم "وقفات خمرية" كانت أكثر حرية وكسر للأعراف التقليدية. هذه الخطوة تعتبر انقلاباً جريئاً على البنية الثابتة للشعر آنذاك.
الغرض الشعري: عرّف أبو نواس نوعاً جديداً من الغرض الشعري - النوع الخمري - والذي كان يندرجة تحت بند الخمر والصحبة المسكرة. لكنه تجاوز مجرد وصف لحظات السُكر ليضيف العمق والفلسفة إليها.
الإيقاع والصوت: اهتمامه الكبير بالإيقاعات الداخلية جعل شعره متناغم وممتع للقراءة والاستماع. استخدام التكرار والتجانس خلق إيقاع موسيقي مميز دفع حدود الشعر تقليدياً.
الصورة البيانية والمعاني الجديدة: طور أبو نواس طريقة مبتكرة لاستخدام الصور الاستعارية وإنشاء صور فريدة باستخدام اللغة العربية بطريقة غير مسبوقة. كما أنه أدخل معاني جديدة وغير اعتيادية في السياق الثقافي للشعر العربي آنذاك.
أنواع الشعر المختلفة: بينما يمكن اعتبار البعض من مديحه ورثائه مصطنعين بعض الشيء، فإن أعماله تتمتع بتنوع كبير يشمل الغزل والثناء والزهد وغيرها الكثير. بشكل خاص، تغير موقفه تجاه الحياة بعد توبته الظاهرة في شعره الزهدي، حيث تخلى عن الرذائل والشهوات لصالح التدين والراحة الروحية.
أما بالنسبة لديوان أبي نواس نفسه فهو مصدر مهم لدراسته لأنه يحتوي على مجموعة متنوعة واسعة تشمل أعمال شعرائه المفضلون مثل الوليد بن يزيد والحسين بن الضحاك بالإضافة إلى مجموعة كبيرة أخرى من الأعمال الخاصة به والتي تعرض تنوعه الأدبي الواسع. يبقى تأثير أبي نواس في تاريخ الأدب العربي مؤثرًا حتى اليوم، حيث أثبت قدرته على تحديث شكل الفن الشعري وبسط قواعد جديدة للإبداع الأدبي.