أهم أعلام الأدب العربي: شعراء العصر العباسي

التعليقات · 0 مشاهدات

كان للعصر العباسي حضوراً بارزاً في تاريخ الأدب العربي عبر مجموعة مميزة من الشعراء الذين تركوا بصمة واضحة في مسيرة الشعر العربي. هؤلاء الشعراء لم يكتفو

كان للعصر العباسي حضوراً بارزاً في تاريخ الأدب العربي عبر مجموعة مميزة من الشعراء الذين تركوا بصمة واضحة في مسيرة الشعر العربي. هؤلاء الشعراء لم يكتفوا بتقديم أعمال شعرية عميقة وحسب، بل سعوا أيضاً لتطوير الفن الشعري وتحدي المعايير التقليدية. وفي هذا السياق سنستعرض ثلاثة من أشهر هذه الشخصيات: بشار بن برد وأبو نواس والمتنبي.

*

بشار بن برد: رائد الهجاء والتجديد في القصيدة العربية

ولد بشار بن برد في مطلع العقد العاشر من القرن الأول الهجري في البصرة. رغم نشأته غير المتوقعة - حيث كان والداه شخصيتان مختلفتان ثقافياً، وهو ابن امرأة فارسية وابن رجل عربي يعمل بحرفة بسيطة - إلا أنه برز كواحد من أكثر شعراء ذلك الوقت موهبة وشهرة. بدأ حياته الأدبية مبكراً جداً، مستلهمًا روح الأشعار من مجالس العلم والحكمة المنتشرة حول جامع البصرة. بالإضافة إلى اهتمامه المبكر بالشعر السياسي والسخرية اللاذعة ("الهجاء")، فقد عمل أيضًا على تحديث شكل القصيدة العربية التقليدية وذلك بإدخال المقاطع الرباعية والخماسية وغيرها من التنويعات الموسيقية الجديدة. وقد أدى تفانيه في تجديد الشعر إلى تكريم مكانته بين زملائه الأكبر سنًا مثل الفرزدق وجرير. وعلى الرغم من اتهاماته بالهرطقة، والتي ربما أثرت بشكل سلبي على نهايته المؤلمة، فإن إرث بشار يستمر حتى يومنا هذا باعتباره أحد مؤسسي مدرسة "البادية" الشعرية.

أبو نواس: ابتكار الصوت المديني الجديد

الحسن بن هاني، المعروف بأبي نواس، هو شخصية أخرى هامة خلال نفس الحقبة الزمنية. جاء اسمه المستعار مما يشير لحياة مليئة بالأحداث الغريبة والمعاصرة للطبقات الاجتماعية الراقية آنذاك. وُلد أبو نواس في الخوزستان الإيرانية لكن تربيه تمت أساسا داخل المجتمع الثقافي الواسع لبغداد والبصرة ودمشق والقاهرة. لعب دوره كمحتفى به ضمن بلاط الخلفاء دور محوري في تطوير أساليبه الخاصة في كتابة الشعر المديني الحديث والذي أصبح معروفًا لاحقا باسم "الأسلوب المدنى". حيث قام بتغيير وجهة النظر التقليدية تجاه الحياة اليومية ورفع مستوى الرقي والفخامة إليها بما فيها تناول المشروبات الروحية والنظر إلي الجانب الآخر للحياة بكل حرية وصراحة ولذلك اعتبره البعض سببا رئيسيا للإيحاء بأن تلك التصرفات قد تكون مقبول لدى الطبقات الأخرى بعد ان كانت تحرم سابقا .

المتنبي: عبقرية اللغة والعظمة الإنسانية

أحمد بن حسين الجعفي، أو المتنبي حسب لقبه الأكثر شهرة, يعد واحداً من الأعمدة الرئيسية للشعر العربي الكلاسيكي ولا يمكن اختزال تأثيره فقط بالحكم عليه بأنه مجرد كاتب قليل التجربة الشخصية نظرًا لصغر عمره نسبيًا عند وفاته الدراماتيكية حوالي العام 965 ميلادي قرب دير العاقول شمال سوريا. ورغم عدم امتلاك حياة طويلة نسبيا ، استطاعت أفكاره الأصيلة وإتقانه الفائق للجناس وأنواع مختلفة من الاستعارات تضمين كتاباته بكثير من العمق والإمتلاء الإنساني الذي جعله واحد من اعظم الفنانين العرب بدون تنافس . يتميز شعره بشخصنه واسلوب مبتكر فيما يسمى الآن بالعروض الداخلية , وهو تعبير حديث لإظهار قوة الوزن الداخلى للنصوص الشعرية . تعد آيآته المثالية خير نماذج لهذا النهج تتمثل فى قوله :

إذا غامَرْتَ في شَرَفٍ مَرُومِ فَلَا تَقنَعْ بمــا دونَ النّجومِ

الطعم الموت أمام هدف كبير كالذي امام هدفا صغير فهو نفسه تمام !

يمكن اعتبار هؤﻻء الثلاثة رؤساء فروع مختلفون لتياري المدرسة الشرقية ومدرسته الحديثة الولادة والتي ستتحكم بالممارسات الادبية لعقود قادمة .

التعليقات