الهجاء هو أحد الأغراض الشعرية التي تعكس الجانب السلبي من الطبيعة البشرية، حيث يهدف إلى انتقاد الأفراد أو الجماعات أو حتى الأحداث الاجتماعية والسياسية. يعود تاريخ الهجاء في الأدب العربي إلى العصر الجاهلي، حيث كان يستخدم كوسيلة لفضح عيوب القبائل المنافسة. وفي العصر الإسلامي، استخدم الهجاء للدفاع عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم، كما برز كأحد الأغراض الشعرية في العصور الأموية والعباسية.
يمكن تصنيف الهجاء إلى عدة أنواع بناءً على موضوعه وطريقة تقديمه:
- الهجاء الفردي: يركز على انتقاد فرد معين، ويحاول الشاعر إظهار عيوبه ومثالب شخصيته.
- الهجاء الجماعي: يستهدف جماعة كاملة، مثل قبيلة أو أمة أو مجتمع، ويحاول الشاعر تقليل من شأنهم وفضح عيوبهم.
- الهجاء الخَلقي: يتناول العيوب الجسدية والمشاكل الظاهرة، مثل العرج أو طول الأنف أو قصر القامة.
- الهجاء الفاحش: يستخدم ألفاظًا بذيئة وبعيدة عن الأخلاق، مما يثير شعورًا بالاشمئزاز لدى القارئ.
- الهجاء الكاريكاتوري: يبالغ في تصوير المساوئ بطريقة فكاهية، مما يثير الضحك لدى القارئ.
- الهجاء العفيف: ينتقد العيوب بطريقة مثيرة للشفقة، مع لمسة من الفكاهة.
- الهجاء السياسي: ينتقد القضايا السياسية في الدولة، ويجمع بين السخرية والنقد.
في العصر الجاهلي، كان الهجاء قبليًا وفرديًا، حيث كان الشاعر يحاول تجريد المهجو من فضائله بسبب أذاه له. أما في عصر صدر الإسلام، فقد استخدم الهجاء للدفاع عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ومن أشهر شعراء الهجاء في ذلك الوقت كعب بن زهير وحسان بن ثابت وعبد الله بن رواحة.
في العصر الأموي، ازدهر الهجاء بسبب كثرة الجماعات المتنافسة على الحكم، مما أدى إلى هجاء كل جماعة للآخر. ومن أشهر شعراء الهجاء في هذا العصر الأخطل وجرير والفرزدق. وفي العصر العباسي، ظهرت نزعة قومية بدلاً من النزعة القبلية، وظل الهجاء الفردي حاضراً عند شعراء مثل المتنبي وابن الرومي.
في العصر الحديث، انتشر الهجاء في مجالات مختلفة، بما في ذلك المسرحيات وبرامج الهجاء السياسي على الإنترنت والتلفزيون والأفلام.
بهذا نرى أن الهجاء لعب دورًا مهمًا في الأدب العربي عبر العصور المختلفة، كوسيلة لانتقاد الأفراد والجماعات والظواهر الاجتماعية والسياسية.
