في قلب مصر الخالد، وفي لمسة فريدة من نوعها، يأتي "عيد شم النسيم"، ذلك العيد المرتبط ارتباط وثيق بتغيرات الطبيعة في موسم الربيع. يُعتبر هذا الحدث سنويًا علامة على انتهاء الشتاء وبداية دورة حياة جديدة مليئة بالألوان والنضارة والنشاط.
يتزامن العيد مع أول أيام الربيع حين يسطع الضوء بشكل متساوي بين الليل والنهار. هنا يكمن السر خلف تسميته القديمة التي كانت تعرف باسم "عيد شموس" نسبة إلى الاعتقاد الفرعوني بأن الشمس هي مصدر الحياة والإعمار. نجد أنفسنا اليوم نعيش نفس الروحانية ولكن بإطار مختلف تمامًا.
كان الفراعنة هم أول من ابتدعوا هذه التقاليد الاحتفالية الرائعة منذ حوالي ٢٧٠٠ عام قبل الميلاد. بعد ذلك أخذت الثقافة المصرية تلك الأعراف وتبنتها قبيلة بني إسرائيل ثم انتقلت لاحقًا لأتباع الكنيسة القبطية الشرقية ليصبح جزءً من تراثهم الديني والثقافي.
وتشمل مراسم الاحتفال بزيارة المواقع الخضراء كالبساتين والمروج العامة بالإضافة لتزيين البيض كتذكير بخلافة الحياة. تتداخل أيضًا مأكولات محددة كالتونة المالحة والفجل الأخضر والخس ضمن قائمة طعام هذا اليوم العزيز. لكن الجهة الأكثر شهرة للعرض هي البيض المعصور بأشكال وأنواع مختلفة ليس فقط لإضافة جمال بل أيضاً لحمل الرغبات والأمانيات - حيث تعتبر هذه الخطوة استمرار للتراث الفرعوني الغني بالرمزية والدلالة.
وبالتالي فإن شم النسيم ليس مجرد عيد وإن كان له مغزى عميق يتمثل في الانصهار بين التقليد والعلم والبهجة الطبيعية مما يجعله تجربة مفعمة بكل ما هو نابض بالحياة ومتكامل بطريقة ساحرة للغاية.