في تاريخ الأدب العربي، برز العديد من الشعراء الذين تركوا بصمة لا تمحى في مسيرة الشعر العربي حتى يومنا هذا. هؤلاء الأربعة هم أمثلة بارزة على تنوع الموضوعات والأشكال التي ميزت الشعر العربي منذ العصر الجاهلي وحتى صدر الإسلام.
امرؤ القيس: ملك الشعر وأغانيه الطائشة
يُعدُّ امرؤ القيس أحد أشهر الشعراء في العصر الجاهلي، بل إن البعض يسميه ملكاً للشعر لما يتمتع به من موهبة شعرية فريدة. ولد لعائلة نبيلة في قبيلة كندة باليمن، ونشأ بين أحضان الترف والعز. اشتهر بغزله وصفاته لمفاتن النساء، لكن شهرته ربما كانت بسبب حياته الدرامية وملحميات رحلاته بعد طرده من قبل والده. يقول عنه المؤرخون أنه عاش حياة مليئة بالمجون والخمر، ولكنه رغم ذلك استطاع تأليف أشعار تحتل مكانة مميزة في الذاكرة العربية.
زهير بن أبي سلمى: حكمته تتحدث عبر السنوات
كسرت شخصية زهير بن أبي سلمى للأدوار التقليدية للشاعر؛ فهو ليس مجرد ناثر لأبيات جميلة فقط، وإنما كان أيضا حاكمًا ومستشارًا لقومه. ينتمي نسبياً إلى قبيلة مزينة, وانضم لشعر أخواله مبكرًا مستمتعا بتجارب الحياة الحقيقية التي أثرت بحركاته الشعرية لاحقا بروح الواقعية والحكمة . اتخذ ابناه كنزا ثمينا لهذين الفننين ، مما جعل مدرسة زهيري تظل محتفظة بهامش كبير ضمن منظومة الثقافات المتنوعة الموجودة آنذاك.
قيس بن الملوح : قصة الحب المستحقة
يعرف قيس بن الملوح باسم مجنون ليلى وذلك نتيجة علاقة الحب العاطفية الرومانسية التي جمعته بليلىء بنت المهلهل العامة -ليلك -. تعتبر قصتهم واحدة من أكثر المحاولات الإنسانية للتعبيرعن الصداقة المثالية والمخلصة وكذلك التجربة الانفعالية الواسعة وغير المسبوقة لتجربة شابة صغيرة أتاحت لها فرصة التعايش مع هذا النوع من المشاعر المبكرة جداً وخلال فترة طويلة نسبياً قبل ظهور مظاهر الزواج الرسمية ذات النفوذ الاجتماعي المرتفع لدى المجتمع البدائي حينئذٍ.
حسان بن ثابت: صوت الأنصار وصاحب الرسالة
يذكر التاريخ Hassan bin Thabit باعتباره واحدا ممن عبروا الحدود بين عصرين مختلفين تمام الاختلاف ؛ إذ بدأ حياته متمسكا بالعادات القديمة وانتقل لنشر رسائل الدين الجديد بكل قوة وإخلاص وعشق جنوني للنبي محمد صلى الله عليه وسلم وبالتالي فإن معظم كتاباته سوف تصبح معروفة بإسم" المدائحالنبوية". ولقد خلف حسان إرث هائلا يصل إلى حد كون الديوينة كاملة خاصة بالنظر لطابعها الاستثنائي والذي يعكس جهوده الملحة للدفاع عن معتقدات دينه الجديد ومعاصريه الأميين الذين كانوا بحاجة ماسة لفهم العقيدة الجديدة والتزاماتها الجديدة طبقا لهموم أهل تلك الحقبة الزمنية المختلفة.