ولد الشاعر الكبير أحمد شوقي عام ١٨٦٨ ميلادياً في القاهرة، ولكنه ارتبط بشدة بالمدينة التي شكلت جزءاً كبيراً من تجربته الفنية؛ وهي العاصمة السورية القديمة دمشق. كان لهذه المدينة تأثير عميق على توجهات شوقي الشعرية ومدارسه الأدبية.
في بداية القرن العشرين, بدأ شوقي زياراته المنتظمة إلى سوريا بشكل عام، ودمشق خصوصاً. كانت تلك الزيارات محطة مهمة في مسيرته الإبداعية حيث اكتسب نوعاً جديداً من التأثير الثقافي والفني من خلال التعرف على تراثها الغني بالتاريخ والأدب والشعر العربي التقليدي. تأثر كثيراً بتراث هذه المدينة العريقة في شعره وروايته "فتى النيل".
كان لشوقي قدر كبير من الاحترام للمعرفة والثقافة الدمشقية. فقد كتب يقول "دمشق هي قلب العالم الإسلامي"، مما يعكس تقديره العميق لروح هذا المكان ومكانتها التاريخية كمركز للإبداع والإشعاع الحضاري. كما اشتهر بزيارة المسجد الأموي الكبير والشوارع الضيقة والساحات الشعبية التي غالباً ما تؤلف قصائده وأشعار مديح العرب وعادات الأمة العربية الأصيلة.
بالإضافة لذلك، فإن ارتباط شوقي بدمشق لم يقتصر فقط على الجانب الشخصي والاجتماعي بل امتد أيضاً إلى العمل السياسي والحكومي. خدم فترة كسفير مصري لدى الخلافة العثمانية القائمة آنذاك والتي تتخذ من إسطنبول مقرا لها ولكن مع العديد من المناصب الأخرى ذات الصلة بسوريا بما فيها وزارة الداخلية المصرية (وهو المنصب الذي منحته له الحكومة بسبب معرفته الواسعة بالأوضاع الاجتماعية لسوريا).
وفي نهاية المطاف، يمكن اعتبار علاقة شوقي بدمشق بأنها ليست مجرد صداقة مكانية بل رابط روحاني وفكري بين إبداع الرجل وتراث المدينة التليد. إن تأثيرها عليه واضح جداً حتى بعد مرور عقود عديدة منذ آخر زيارتيه إليها.