تعد ساحة جامع الفنا بمدينة مراكش إحدى أشهر المعالم الثقافية والفنية في المغرب، بل وفي العالم أيضًا. تقع هذه الساحة وسط المدينة، وقد احتفظت عبر قرون بتراث ثقافي غني ومتنوع يجذب الزائرين من جميع أنحاء العالم للاستمتاع بالعروض الشعبية التقليدية والحرف اليدوية المتقنة.
تعود جذور ساحة جامع الفنا إلى القرن الحادي عشر الميلادي عندما قام الموحدون ببنائها لأغراض التسوق والتبادل التجاري. ومع مرور الوقت, اكتسبت الساحة مكانة بارزة أكثر فأكثر، خاصة بعد إنشاء الجامع الكبير بالقرب منها حوالي القرن الثاني عشر. كانت تستعمل كمسرح لتقديم عروض الجيش والاستعداد للحروب, مما يؤكد دورها المركزي كموقع حيوي داخل المدينة.
اسم "جامع الفنا"، ربما جاء من قرب الموقع التاريخي للساحة من قصر الحجر المرابطي, أو ربما بسبب وجود دمار سابق لصومعة كبيرة فيها. لكن اليوم, تطورت هذه المنطقة لتكون مركز تجاري وزماني ممتاز يضم مجموعة متنوعة من التجار الذين يعرضون منتجات حرفية تقليدية وأطعمة محلية مميزة. بالإضافة إلى ذلك, هناك أداءات فلكلورية هائلة بما فيها حلقة الرواة وصانعي الأحجار ومنشدو الموسيقى وعازفو الآلات التقليدية.
رحلة حول ساحة جامع الفنا تعكس تنوع المجتمع المحلي والعادات المحلية بشكل كبير. هنا يمكن مشاهدة رجال يديرون ألعاب الخرز الملونة أثناء قصص مسلية، بينما تقوم النساء بتشكيل تصاميم جميلة لحناء القدمين واليدين. كذلك يقدم باعة النباتات العلاجية النباتات الشعبية للعلاج المنزلي، ويستعرض الخبازون خبزهم الطازج ذو الرائحة الشهية للجماهير.
هذه الانطباعات الحسية ليست فقط مصدر جذب للجمهور الغيور; بل يعيش السكان المحليون أيضًا حياة مليئة بالحركة والإبداع باستمرار. بالنسبة لهم، تشكل هذه البيئة فرصة لإظهار موهبتهم وإبراز عملهم أمام الناس من مختلف دول العالم. وهذا ليس مجرد عرض للفنون التقليدية وإنما يحافظ أيضا على تراث المغرب الوطني للأجيال الجديدة.
في عام ٢٠٠١ ميلادية، اعترفت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة ('اليونسكو') بساحة جامع الفنا كونها تراثاً غير مادي للإنسانية نظراً لقيمة تراثها الثقافي الهائلة وفوائدها التعليمية والاجتماعية والاقتصادية الواضحة للمجتمع المحلي والدولي alike.