ولد نجيب محفوظ أحمد عبد العزيز باشا إبراهيم في ١١ ديسمبر/كانون الأول سنة ١٩١١ بالقاهرة لعائلة من الطبقة المتوسطة. يعد واحدا من أشهر الكتاب العرب والعالميين بلا جدال وحاز جائزة نوبل للأدب عام ١٩٨٨ لتاريخه الطويل والحافل بالإنتاج الأدبي المُتنوع والمتنوع والذي تضمن ثلاثين عملا سرديا طويلا وخمس عشر قصة قصيرة بالإضافة لنحو ثلاثة عقود كمؤلف سيناريوهات سينمائية. يُعرف أدبه برفاهيته وبساطته ونقاء لغته ورصد تفاصيل الحياة المصرية اليومية بحساسية مميزة مما أكسبُه شهرة عالمية واستحقاق تقديرا جماهيريّا ودراسيا متزايدا عبر الزمن. وسنستعرض هنا بإيجاز لما اعتبره نقاده ومن قرآءنه ممن يحظوا بشهرة وشعبية بين إبداعاته الرنانة تشمل "ثلاثيتها" الدرامية الشهيرة وكذلك الأخرى ضمن ركام آخر من المؤلفات المثيرة للإعجاب.
* ثلاثيته التاريخية: افتتح محفوظ مشواره السردي بطرح عمل رائع يدعى "رادوبيس"، ولكن ما سرق قلوب الناس حقًّا هي الثلاثية المعروفة باسم "بين القصرين - قصر الشوق - السكرية". تدور احداث الثلاثية حول أسرتين مصريتين مختلفتين اجتماعيا وثقافيا هما إسماعيل وعزيز فهمي بينما يستخدم المحرف السياقات التاريخية للدلالة على انتقال مصر من الحكم الاستعماري البريطاني نحو النشأة الحديثة بما في ذلك الاحداث السياسية لمقتل سعد زغلول مؤسس حزب الوفد المصري القديم وعلي ماهر قائد حركة الضباط الأحرار فيما بعد؛ لينهي دورة حياة ختام العملاق بتلك الإفيهات المؤثرة على مستوى المشاعر والأنسجة الثقافية العامة إذ يقول «إن لكل شجرة ثمرة وكل حجر طاقة كامنة».
* روايته الفنية الأكثر تجريدًا: تصنف "أولاد حارتنا" كثالث أهم الاعمال المطروحة كونها أول قضية قضائية ضد صاحبها تنشر بشكل مسلسل تحت عناوين مختلفة بجرائد مختلفة بسبب مخاوف المسئولين آنذاك بشأن حرمان القطاع العام منها مفضلين عدم مواجهة الضغط الشعبي عليها خلافا للشائع عنها بأنها رفعت بناء علي طلب الجمهورية الفرنسية وفق مزاعم ملفقة بكافة وسائل الإعلام حين ذاك! إنها "رمزية خارقة" للطبيعة البشرية تقدم شخصيات رئيسيتان وهما عمدة الحرب الشهواني إدريس وابنه آدم المنفتح الرومانسي جنبا إلي جنب شخصية أبو سعد اليوتوبيا البرجوازية بكل ماتحمله المدرسة الأخلاقية التقليدية رغم تنافر الواحد منهما مع الآخر تمام الاختلاف إلا أنهما يجتمعان برمز الجمع الآدمي نفسه.
* لوحات جمالية بوليسيّة: ربما تكون أكثر أبياته شعبية عامة هي تلك التي كتبها عبر أعمال مغامرات جريمة قتل كالـ"لص والكلاب"- والتي تعد أيضا مثال بارز لكيف يمكن استخدام الموضوع البوليسي لإقامة رؤى فلسفية هائلة المستوى – ووصوله للنقطة القصوى بتناول موضوعه الاجتماعي في رواية "الشحاذ". يسافر فيه البطلين ذهابًا وايابًا داخل النفس البشرية وتحولاتها المضطربة أثناء توصله لفكرة شائكة تتمثل بسؤال بسيط جدًا... هل هناك حدود أخلاق احادية الجانب ام ان الحدود الاخرى مباحة؟ تستمر التجربة حتى الوصول لقمة التشويق عندما يقوم أحد ابطال العمل بخطف اخيه الأصغر والتخطيط لاحراق منزل عائلتهم وذلك لحظة بلوغه مرحله عمياء تسميه الأخلاق الذاتية مدعية بانها طريقا مستقرا للسعادة النهائيه![٣] .
* رنين القصة المصغرة: ليس أقل أهمية عنه دور قصصه الأقصر التأثير رغم محدوديتها نسبيًا، فالاجتماعات الصغيرة تجمع قلب الصورة مجسدا مشهد نهارٍ فلم يعثر على مساحه فارغة للتخفيف فقد وقع حادث مروري مفجع شهد سقوط ضحايا الركاب كلٌ بمفردهم لكن جميعهن توحدوا بروحه رحيله وسط موقف اجتماعي ساخر يؤرخ لسلوك انسان اصابه مرض اضطراب الهوية الانتحارية نتيجة إحساسه بالعجز أمام جهة النظام القانوني والقضاء الذي ينظر لمقتضى الظالم وليس الظليم! كذلك تأخذ فنون الوفاة لدينا أشكال متنوع للغاية تبدأ من الموت المفاجئ بــ "الوقت والمكان"، مرورًا بالتطور الطبيعي بالحزن والكمد والإشفاق لبراءة الأطفال المبيدة فى "الحقيبة".. وانتهاء باتجاه طبيعي طبيعي وفاة القلب عند المنتهى العمر الانسانى بعنوان « دنيا الله » ..
هذه دعوة مفتوحة لاستخلاص المزيد المزيد