لقد سلط الشعراء القلم لتوجيه نداءات مؤثرة حول ألم ومعنى التجربة المعيشية التي يعرفها المتغرب. إن هذه القصائد ليست مجرد تعبير أدبي عن المشاعر الإنسانية، بل هي انعكاس للحالة الروحية والمعنوية لجيل عاش مفارقات الحياة خارج الوطن الأم. فيما يلي نظرة مطولة ومحسنة لمجموعة مختارة من الأعمال الشعرية الرائدة التي تناولت قضية الغربة بكل صدق وروعة:
"يا زمان أشكو غربتي"، بيت فتح باب التأمل العميق للشاعرة التي تتوجه الى الزمن بشكواها واضطرابات قلبها. فهي تشير إلى أنها وإن لجأت للدمع والإفصاح، فإن الذكريات المؤلمة تلاحقها حتى وسط أحلام اليقظة. هذا الفصل الشخصي من التجارب البشرية يؤكد مدى العمق النفسي للغربة بالنسبة لمن فقدوا وطنه الأصل.
وفي "ما ينغص بسمتي"، يصوّر الشاعر حالة من الانكسار الداخلي عبر ابراز تناقضات الحالة النفسية للإنسان حين يغادر الأرض الآمنة ويخوض تحديات الحياة الجديدة. الرغبة في البقاء مبتسمًا أمام الآخرين مقابل الألم الذي يكتمونه داخل نفوسهم صورة مثالية لما يمكن أن يحدث عندما يقابل المرء المسافة الثقافية والفجوة الوجدانية الناجمة عن الانتقال المفاجئ للعيش بعيدا عن البيئة الاجتماعية التقليدية.
ثم يأخذنا المؤلف إلى جانب أكثر فلسفية لتجارب الغربة في قصيدته التالية والتي تحمل عنوان "جئت من شوق". تلك الشجيرة الموسيقية تأخذ شكل رسائل حب موجهة نحو وطن الضياع الخاص، وهو تقديم حي لعلاقة الحب والعاطفة التي تربطه بمصدر جذوره وبمركز وجوده. رغم الرحيل والقسوة المصاحبة له، يبقى الرابط الروحي التحفيزي موجودا باستمرار حسب قول الشاعر.
أما عند انتهاء الجزء الأدبي فتبدأ الفقرة الثانية بالتعمق مباشرة ضمن السياق العام للأبعاد الشخصية المرتبطة بتجربة الهجرة الخارجية: "لن أعود مرة أخرى لمشاهد طفولتي الجميلة ولكن ذكرياتها الخالدة جزء أصيل مما أنا عليه اليوم." وهذا الاعتراف صادق وغير مشروط بجوانبه المختلفة سواء الإيجابية منها أم السلبية - فالترحال ليس فقط خسائر مادية لكن أيضا ثقافية ونفسية. إنه طريق مليء بالأحداث الطويلة والمؤلمة والذي يقضي اغلب مدته بدون هدف واضح الملامح مما يخلق حاجزا جديدا امام فهم المكان المغترب.
ختام المطاف يتمثل بإلقاء الضوء العملي النظراني لسؤال كبير ظل عالقا لفترة طويلة لدى البعض ممن واجهوا مثل تلك الظروف: ماذا يعني حقا أن تكون غربيا؟ هل الأمر مرتبط بالحنين للقصور التاريخية فقط ام انه يشمل كذلك التعامل مع واقع مختلف تمام الاختلاف ؟ وهل القدر قادرٌعلى تفكيك روابط الماضي والسعي لبناء مستقبل مميز بطابع خاص بها ؟ . إنها خلاصة مريرة تجمع الأفكار الرئيسية التي طرحتها معظم القصائد اعلاه – وهي رؤية مجملة لما تحمل غربة الإنسان الواحد ومايترتب عليها أساسيا : فقدان الامان والحماية وخصوصيته المقيمة داخل البيت القديم بالإضافة للتغيرات الجذرية بالعلاقات الاجتماعيات العامة الخاصة والشخصية ايضًا . إضافة لذلك ، تُعتبرالعبارتان الأخيرتان الموجزتين للاستنتاج النهائي مثال جيد لشرح كيفية ظهور المواقف العكسية تجاه تصرفات الغريم وقدرات قدرتهم الخاصة على مواجهتهم للنوائب مصاحبين بفهم اعمق لقيمةattachments ⇺⇺