كان كعب بن زهير أحد أشهر شعراء العرب خلال فترة الجاهلية والإسلام، وهو ابن شاعرة العربية الفذة لبابة بنت عبد المنعم. ولد كعب في مكة المكرمة حوالي عام 560 ميلادي، ونشأ وسط بيئة ثقافية وفنية غنية أثرت بشكل كبير على شخصيته الشعرية ومداركه الأدبية.
تميز شعر كعب بن زهير بالرقة والفخامة والبراعة اللغوية، وقد اتسمت قصائده بقوة الصورة وبلاغة التشبيه والاستعارة. كان معروفاً بشعر الرثاء والحنين إلى الماضي، خاصة رثائه لوالدته "لبابة"، التي فقدها باكراً مما ترك لديه حساسية فنية عميقة تجاه مشاعر الفقدان والعاطفة الإنسانية.
من أهم أشعاره المعروفة هي القصيدة الشهيرة "البردة" التي مدح فيها النبي محمد صلى الله عليه وسلم بعد موقعة هوازن ومعاوية وأصحاب اليمامة. وكانت هذه البردة سبباً في تحويل ديانة كعب من النصرانية إلى الإسلام عندما عفا عنه الرسول الكريم رغم خطورة القصيدة الأولى التي كتبها ضد المسلمين قبل ذلك الموعد التاريخي المؤثر.
كما اشتهر أيضاً بشخصيته الاجتماعية المتنوعة والمفعمة بالحياة، إذ جمع بين الصداقة القريبة مع الشعراء الآخرين مثل الفرزدق والأخطل، بالإضافة لإقامته آمال كبيرة بسبب موقعه الاجتماعي والثري. لكن مصيبة أخرى وقعت له وهي وفاة ابنه الوحيد ما أدى لتغير حالاته النفسية وانكساره الروحي الواضح عبر أبيات عديدة ضمن تراثه الغني بالألفاظ الجميلة والنغمات العذبة.
توفي كعب بن زهير سنة 67 هـ الموافق تقريبياً لسنة 688 م تاركاً وراءه إرث ادبي خالد ومجموعة مخيفة ومتنوعة من الأعمال الشعرية الرائدة والتي تعتبر جزءً هاماً جداً من تاريخ الأدب العربي القديم حتى يومنا الحالي.