في سطور الشعراء العرب الذين برعوا في تصوير الحب والعشق، يأتي عصر بني أمية كواحدٍ من أكثر الفترات إبداعاً وتنوعاً. هذه الحقبة شهدت ولادة العديد من الألقاب البلاغية والشعرية التي ظلت خالدة حتى يومنا هذا. ومن أشهر هؤلاء الشعراء الخليل بن أحمد الفراهيدي وعروة بن الورد، ولكل منهم بصمة واضحة ومتميزة ضمن مسيرة الغزل العربي.
الخليل بن أحمد الفراهيدي، المعروف بلقب "ملك النحاة"، لم يكن فقط نحاتاً بارعاً ولكن أيضاً شاعراً ماهراً. واحدة من أجمل قصائده الغزلية هي تلك التي قال فيها:
"إذا ما طلع بدرٌ بدرا * فمن ذا يلوذُ بالبدرِ؟
أو إذا ما حان موعد القمر * من يجازي اللهوَ الجوارِ؟"
وهذه القصيدة تعكس جمال الرقة والفلسفة، وهي عينة رائعة لما يمكن للشاعر الخليل تقديمه عندما يتعلق الأمر بالغزل.
أما عروة بن الورد فهو شخصية أخرى تركت أثراً عميقاً في تاريخ الأدب العربي. إحدى قصائده المحبوبة والتي تُعتبر مثالاً رائعا للغزل هو قوله:
"سرت إلى دارها فأسمعتني * بترديد صوت الطائر الزائر."
تستخدم صور الطبيعة بشكل مؤثر لإظهار مشاعر الشوق والحنين نحو محبوبته. كلتا هاتين القصيدتين هما مجرد عينتين صغيرتين مما اكتنزته فترة حكم الأمويين من شعر جميل وغني بالألفاظ الموسيقية والمعاني العميقة. إنها حقا شاهد حي على حسن التصوير والتعبير العاطفي لدى شعرائها ممن ارتقى بهم الفنون الجميلة للحياة العربية القديمة.