ولد الجواهري الكبير جبران خليل جبران في قرية بشري، الواقعة في منطقة لبنان الشمالية، بتاريخ الثاني والعشرين من شهر يناير عام ألف وثمانمائة وسبعين (1875). هذه القرية هي موقع ولادة أحد أهم الأدباء العرب وأكثرهم تأثيرًا عالميًا. يُعتبر جبران راوية بارعًا وشاعرًا فذًّا، ترك بصمة واضحة في تاريخ الثقافة العربية الحديثة وفنونها البارزة مثل الرسم والنحت أيضًا.
نشأ جبران وسط بيئة غنية بالألوان الفنية والثقافية؛ فقد كانت عائلته مؤمنة بتقدير التعليم والمعرفة منذ الصغر. كان والده، خليل إبراهيم جبران، تاجرًا محترمًا بينما والدته كاتريا دعيبس كانت امرأة متعلمة ومتحمسة للثقافة والموسيقى. هذا البيئة الإبداعية ساعدت في تشكيل شخصيته الفكرية والفنية بشكل كبير.
بعد وفاة والديه وهو صغير السن للغاية -كان عمره حينئذٍ ثلاث سنوات فقط- انتقل إلى الولايات المتحدة الأمريكية مع أخواته الثلاث ويوسف حرب، عمّه الذي أصبح وصيّه بعد ذلك. هناك بدأ دراسته وعاش حياته الخاصة حتى عودته إلى وطنه الأم لزيارة قصيرة قبل رحيله الأخير بدوام كامل نحو أرض النور والإبداع الأمريكي الخصبة.
على الرغم من ابتعاده عن موطنه لأكثر من نصف قرن تقريبًا، إلا أنه ظل محافظًا على تراثه اللبناني وحواره الدائم معه عبر أشعار وروائيات تحمل عبق الوطن وتاريخ شعبه العريق. إن قصة حياة ومعاناة هذا الأديب المتعدد المواهب تعد شهادة حيّة على قوة الروابط التاريخية بين الفن الإنساني وبين الأرض التي تحتضنه.
