في رحاب المعرفة البشرية، ترتبط مصطلحا "العلم" و"العمل" بروابط وثيقة تشابه تلك التي تجمع الزوجين الجدد في الحياة. يشبه العلم هنا البذرة الأولى، بينما يعد العمل هو الغرس والنماء الطبيعي لهذه البذرة. فعلى الرغم مما قد يبدو لبعض الناس أن العلم وحده يكفي لتحقيق النجاح والتطور، إلا أن كلتا هاتين القائمتين هما جزءان تكامليان ضروريان لتكوين شخصية إنسانية منتجة ومؤثرة.
وقد حرص الإسلام - دين الرحمة والعقل - على التأكيد على أهمية هذين العنصرين سوياً. يقول الإمام علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-: "هتف العلم بالعمل وإن كان يجيب"، مشيرا بذلك إلى أنه بدون تطبيق وتنفيذ المبادئ العلمية المكتسبة، ستكون مجرد نظريات نظريّة عديمة الجدوى. كما حذّر النبي محمد صلى الله عليه وسلم من مفاسد الانفصال بينهما عندما وصف رجل تعلم الدين لكنه لم يطبقه قائلاً إنه لن يستفيد منه شيئاً لأن هدفه الوحيد كان الحصول على الثناء الاجتماعي فقط ("وقال: علّمتَه فيه؟ قال: طلّبتُ للعلم والقراءَة قال: كذب! إنما أردته ليقال عالمًا ورقيًّا").
هذه العلاقة المتينة ليست مقتصرة على مجال واحد؛ بل تتعداه لقطاعات عدة مثل الطب والهندسة وتعليم ومعارف هندسية أخرى أيضًا. إذ يسعى كل مهني للحصول على أفضل التدريب واحترافيّة ممكنة عبر فهم العمليات الأساسية وعوامل التشغيل المرتبطة بتخصصاته المختلفة. وهذا يفسر السبب الذي يدفع الكثير منهم لاستكمال دراساتهم الأكاديمية واستثمار وقت فراغهم في البحث المستمر وتحديث معلوماتهم لفهم تحديات عصرنا الرقمي الحالي بشكل شامل.
وعندما يتم الجمع بين العلم والتطبيق العملي الناجع، يمكن تحقيق العديد من المكاسب الشخصية والجماعيه الهائلة والتي تضمن مستقبلاً مزدهراً للأفراد ودولاهم على حد سواء. فبالإضافة لتحسين ظروف حياة الأفراد مادياً واجتماعياً، تساهم الثقافة المشتركة للتعلم والإبداع بحماس كبير لبناء حضارة قوية ومتقدمة اقتصادياً وبالتالي مواجهة الاختبارات العالمية بمواقف أقوى.
وفي ختام حديثنا، دعونا نتذكر دائمًا بأن نجاحنا كمجتمعات تعتمد بشكل مباشر على قدرتنا للاستفادة القصوى من مواردنا المعرفية من خلال التربية التعليمية المناسبة والدعم المؤسسي لها حتى تصبح ملموسة بطرائق عملية مختلفة داخل مجتمعاتنا المحلية والخارجية كذلك. وهكذا فقط سنتمكن حقاً من تحقيق طموحاتنا نحو مستقبل أكثر سلاماً وانفتاحاً أمام جميع أفراده بغض النظر عن مواقعهم الاجتماعية أو المهن الخاصة بهم.