الشعر العربي، ذلك الفن الرقيق الذي يُعبّر عن المشاعر الإنسانية بتجلياتها المختلفة؛ الحزن والألم، الفرح والسرور، الحب والعشق، والتحديات والمآسي. إن قصائد الشعر ليست فقط كلمات مرتبة بشكل جميل، بل هي انعكاس حقيقي لروح الأمة وعقيدتها ومعتقداتها ومشاعرهَا النبيلة.
يمثل الشعر جزءاً أساسياً من التراث الثقافي للأمة العربية منذ العصور القديمة وحتى يومنا هذا. وقد اشتهر العديد من الشعراء الذين ساهموا بإثراء المكتبة الأدبية العربية بكل ما تحويه من جمال وقيمة معنوية سامية. فمن أبي الطيب المتنبي إلى أحمد شوقي, ومن نزار قباني الى محمود درويش وغيرهم الكثير ممن ترك بصمات واضحة في عالم الأشعار والقوافي.
يتناول كل شاعر ذاته بطريقة فريدة تعكس شخصيته الخاصة وتجاربه الشخصية. فنجد مثلا الشاعر الجاهلي "عمرو بن كلثوم"، الذي برز شعره بقوة وصرامة الوصف البديع للحرب والفروسية والشجاعة، بينما غلب طابع الانفعال الرومانسي على أشعار "الحلاج". أما الشاعر الصوفي الكبير ابن الفارض فلقد اتسم شعره بالرمزية والدلالات الغامضة التي تحتاج للمزيد من التأمل لفهم عمقه وسعة معناه.
بالإضافة لذلك، يمكن تتبع تطور الشعر العربي عبر الزمن، بدءا بشعر المعلقات والذي يمتاز بالقوة والثبات حتى عصر النهضة الحديثة وما بعدها مما نتج عنه ظهور مدارس نقدية مختلفة تناولت جوانب متعددة سواء كانت سياسية واجتماعية ودينية...الخ. كما تطرق بعض الكتاب المعاصرين لنقد الواقع المرير واستخدام مفردات جديدة تحديث الخطاب والشكل الجمالي للشعر الحديث.
إن قراءة هذه الأعمال الخالدة ليست مجرد استرخاء ذهنى ولكن أيضا فرصة لتوسيع آفاق فهمنا للعالم من حولنا وتعزيز روابطنا التاريخية والجغرافية كون اللغة الواحدة تربط بين مختلف المجتمعات الناطقة بها بما فيها مجتمعات العالم الإسلامي الواسعة المنتشرة جغرافياً. وبالتالي فإن تعلم ونقل مثل هذه التحف الأدبية يعد طريقة فعالة لبناء جسور التواصل والحوار المستمر عبر القرون. إنها حقاً رسائل تحمل أصوات قلب الأمجاد الحميدة لشعب عاش ويعيش حالة إبداع بلا حدود تحت مظلة فكر لغوي واحد هو الفصحى العربية الراقية والمعبرة بحرفيتها وخلوص معناها لكل زمان ومكان مناسب لهما!
