يُعد الحارث بن حلزة اليشكري أحد الشعراء الأندلسيين البارزين خلال العصر الأموي، والمعروف برحلته الشعرية التي امتدت عبر أجواء الجمال الطبيعي والأنسان. كانت له قدرة فائقة على تصوير المشاهد والحالات الإنسانية في قالب شعري رقيق ورشيق. يُعتبر الحارث ابن حلزة واحداً من رواد الشعر العربي في الاندلس بشعر يعكس واقع المجتمع ويجسد قضايا الحياة بكل عمق وروعة أدبية.
ولد الشاعر الكبير في منطقة ألمرية بإسبانيا عام 19 هجري (748 ميلادي) لعائلة ذات مكانة اجتماعية مرموقة. نشأ وسط بيئة ثقافية غنية أثرت بشكل كبير في تشكيل شخصيته ومعرفته الثقافية الواسعة والتي انعكست لاحقا في أعماله الأدبية. اشتهر بروح الدعابة والفكاهة التي تنضح بها قصائده، مما أكسبه شعبية كبيرة بين الناس وساهم أيضا في نشر اسمه واسعة النطاق بين صفوف المثقفين آنذاك.
كانت رحلاته المتكررة إلى الجزيرة الخضراء فرصة سانحة لتكوين صداقات مقربة مع العديد من الشخصيات المؤثرة مثل عبد الرحمن الداخل مؤسس الدولة الأموية بالأندلس، كما التق بصهره "عبد الله"، أحد أمرائها البارزين أيضاً. هذه الروابط الاجتماعية عززت مكانته ومكانته كشخصية مؤثرة داخل دائرة الحكم والشعر بالتوازي.
شعر الحوار بن حلة يتميز باللغة المنمقة والنثر الراقي الذي يمزج بين الوصف والاستعارة والبلاغة العالية المستوحاة من جمال الطبيعة وتفاعلها مع الإنسان وحالته النفسية. كان يستخدم الصور البلاغية بكفاءة لتصوير المشهد المناخي والنفسي للحالة المعبرة عنه، إذ يقول في إحدى أبياته الشهيرة: "على حين غفلةٍ وقد كنت محاسباً... أتاني الموت سراقةً غير مسألة". وفي أخرى يشير لهذه المهارة قائلاً: "إذا ما اشتكى القلب ألماً ضعفَ القول..." تعبيراً صادقاً عما يدور داخله وما يحاول إيصاله للآخرين.
كما أنه معروف بمقولات مطولة تصف تغير الأحوال والمناسبات المختلفة كوصف الزمان وتحولات الليل والنهار ونفحات الربيع وغير ذلك الكثير، متخذًا منه أساليب مبتكرة لإبرازبراعه والتعبيرعن مشاعره بطريقة فريدة جذابة لكل قارئ وشاعر عاشق للإبداع والكلمة البيانيه.
في إطار آخر، فقد اهتم بالحياة اليومية وجوانبها المختلفة محاورا نفسه وأحيانا مستهدفاً الآخر بسهام المديح والإطراء لما فيه خير وتعزيز للأخوة والقيم الحميدة فيما بين الأفراد والمجموعات البشرية مجتمعيًا. وبالتأكيد فإن تأثير الحارث بن حلزه لم يقتصر فقط علي عصر حياته بل تجاوزه ليصل إلي القرون التالية ليبقى اثر شعر يبهر وينمي ذائقتهم ويتعلم منها الشعر النبطي والعروض العربية باعتبار إن هذا النوع شكل جزء مهم جدا من تراثهم الغني بتعدد أشكال الفنون الكتابية الأخرى التي تعتمد عليها المؤلفات القديمة والحديثة بما فيها المسرحيات الشعريه التي تأتي ضمن سلسلة اعمال الادباء القدماء الذين يمثلونه تمام تمثيل .
لم ينقطع رزقه من الدنيا قبل وفاته قبل سن الستين سنة ومن ثم دفن بالقرب من المدينة التي ولد وعاش معظم عمره ولم يكن لديه خلف يرث ميراثه الفكري إلا مجموعة جمعت ديوانه بعد موته وتم تسجيله كإحدى أهم المصادر التاريخية للشعر العربي الأندلسي حتى يومنا الحالي وهذا دليل واضح علي نجاح دوره ك شخصية تؤثر مجالا خاصتا إذا نظرنا إليه كنقطة وصل هامة تربط الماضي بالحاضر الغني بالإنجازات والابداعات الجديدة للمشهد الشعري الحديث بالعالم العربي الحديث والذي تتطور باستمرار نحو مراحل أكثر تقدماً وتنوعا..