تعدّ رواية "قنديل أم هاشم"، التي تُعتبر واحدة من أهم الأعمال الأدبية العربية لكامل كيلاني، عملاً مميزاً ليس فقط بسبب قوتها الدرامية وإنما أيضاً لطريقة تعاملها مع مفاهيم المكان والزمان. هذه الرواية ليست مجرد قصة تحكي حدثاً تاريخياً؛ بل هي صورة متكاملة للواقع الاجتماعي والثقافي لمنطقة الحجاز خلال فترة محددة من التاريخ. يستخدم المؤلف هنا أدوات سرديه إبداعية لإبراز الجوانب المتنوعة للمكان والمزمن وتأثيرهما العميق على الشخصيات والأحداث.
في بداية الرواية، يقدم لنا الكاتب مشهد مدينة الطائف الخلابة، حيث تجري معظم الأحداث. يصف البيئة الطبيعية للمدينة بدقة تشعرك بأنك داخل عالمها، مما يعطي القارئ شعوراً بالانغماس الكامل في الحدث. هذا الوصف التفصيلي للبيئة الفيزيائية يساعد على خلق خلفية ثقافية واجتماعية غنية تساهم بشكل كبير في فهم السياقات الاجتماعية والنفسية للشخصيات.
بالإضافة إلى ذلك، يلعب دور الوقت دوراً حيوياً في تطوير الحبكة والتفاعلات بين الشخصيات. تتراوح أحداث الرواية عبر عدة سنوات، كل منها يحمل طابعاته الخاصة التي تؤثر مباشرة على حياة وأفعال الشخصيات الرئيسية. فالحالة الاقتصادية الصعبة للأسر الفقيرة مثل عائلة القندسلة، وحركة الناس أثناء الحرب العالمية الأولى وظروف ما بعدها، وغيرها من الظروف السياسية والاجتماعية، جميعها تمثل مراحل زمنية مختلفة لها تأثير واضح ومحدد على المسار العام للقصة.
ختاماً، يمكن اعتبار "قنديل أم هاشم" نموذجاً رائداً لاستخدام المكان والزمان كوسيلة رئيسية لنقل رسائل اجتماعية وثقافية. فهي توضح كيف يمكن للروائي الإبداعي استخدام الزمكان كأساس لبناء روايته وإعطائها العمق والحياة الواقعية اللازمة لتجعل القراء يشعرون وكأنهم جزء فعلي من تلك الفترة التاريخية المعقدة والمعقدة للسرد القصصي العربي الحديث.