يعد الشاعر المصري الراحل صلاح جاهين أحد أهم الشعراء الذين تناولوا مواضيع الحياة اليومية بشكل عفوي وصادق للغاية. كانت أشعاره مرآة صادقة لواقع الناس البسيط وأحلامهم وآمالهم ومخاوفهم التي يعيشونها يومياً. في هذا السياق، سنستعرض بعض أبيات شعرية مختارة له والتي تصور وجهات نظره حول "الدنيا".
في قصيدته الشهيرة "الشعر"، يقول صلاح جاهين:
"أنا مش عارف أعرف/ الشعر ده إيه؟ / هو كده يا صحابي./ قبل ما يجيلك سرطان/ بعد ما تعرف أمراض/ لازم تحسب لحساب/ إن حياتك غالية."هذه الأبيات تحمل رسالة مباشرة مفادها أن الإنسان ينبغي عليه تقدير قيمة الحياة وعدم تضييع الوقت فيما لا فائدة منه بينما نعاني من الأمراض والمصائب المحتملة. إنها دعوة للتفكير العميق والاستعداد للمجهول.
وفي قصيدة أخرى بعنوان "ابن البلد"، يشرح جاهين معنى الانتماء الحقيقي ومعلومات الشعب المصري المتجذر بأرضه:
"انا ابن بلد.. // مبحبش احد يقرب// من تراب ميلى// بس هتنفعني زيرقا//. انا ابن بلد.. // لن انسى ريف مصر/// حيث ولدت وتربيت//// وددت لو اتشفت فيها كل ساعة مرت."
تبرز هنا صورة واضحة لقوة الروابط العاطفية بين الفرد وشعبه وأرض الوطن بالنسبة له. يجسد هذه القصائد روح صلاح جاهين الثورية وانتمائه الحقيقي لشعب مصر وفطرتهم الطيبة رغم ظروف الحياة القاسية.
كما نجد صورة مؤثرة جداً لأهل المدينة في إحدى قصائده المعروفة وهي "حياة واحدة":
"في القاهرة عمر بيتغير////// كل واحد بيجي بيقف///// زي النملة لما تتسلّم/// الدفتر بتاع شهر نوفمبر...//"
يعكس هذا الجزء حالة سكان المدن المستمرة والتغيير المستمر للحياة الاجتماعية هناك؛ فهو ليس فقط وصفاً دقيقاً للحركة البشرية ولكن أيضاً رمز للتجارب المختلفة لكل شخص داخل تلك البيئة المتحركة دائماً.
ومن خلال شعره المباشر والبسيط، يستطيع صلاح جاهين نقل المشاعر والأفكار الحقيقية لمختلف طبقات المجتمع المصري بكل صدق وعمق. إنه شاعر يكرم الإنسان ويحتفل بحياته وتفاعلاته الاجتماعية دون تغليف فلسفي معقد - وهو أمر أساسي لفهمه بوضوح والحصول على منظور شامل لتلك الفترة الزمنية والثقافة العربية.