عبيرُ الغزلِ حينما يتحول إلى ذبولٍ، تصدر الأبيات الشعرية كأنها نداءات حزن تتوسل للعودة والإصلاح. "الأشعار العتاب" هي تلك القصائد التي تعكس الشوق والتألم النابعين من الفراق ومزاج الوجداني المحبط بسبب فقدان التواصل أو عدم تجاوب الأحبة. إنها موسيقى الروح المضطربة والتي تسعى للتعبير عن ألم النفس وتخفيف وطاة الضيق عبر سطور تحمل بين طياتها دموع الخيبة والأماني المتعثرة.
من أشهر شعراء العرب الذين كتبوا أبياتا عظيمة في هذا اللون الأدبي الشعري الكبير، هناك حسان بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه والذي قال: «إذا ما الناس نسيتهم فقلبي لا ينساهم»، وكذلك أبو فراس الحمداني مع قصيدته الشهيرة: "وإنّي لمن استبدّتْ عليه نفسه...". هذه الأمثلة توضح كيف يمكن للشعر أن يعبر بشكل عميق عن أحاسيس الإنسان الداخلية عند مواجهة الصدمة نتيجة للعلاقة المفجوعة.
وفي كل زاوية من التاريخ العربي القديم والمعاصر، ستجد روائع أدبية مثل ديوان ابن الفارض وابن زيدون وغيرهما كثير ممن امتزجت قلوبهم بالحب والشعور بالعاطفة الجياشة لتكون مصدر إلهام لأجيال لاحقة لمواصلة فن كتابة أشعار العتاب. فهذه النوعية الخاصة من الأشعار ليست مجرد كلمات مكتوبة فقط؛ بل هي انعكاس صادق لما يجول بخاطر الواحد منا عندما يشعر بأن الحب قد خان أو البيت خلت منه ابتساماته المعتادة.. إنه بصمة إنسانية نبيلة تعكس جمال الحياة بشقيه الفرح والحزن وتعبر عنهما بلا رتوش وبلا حدود.
ختاماً، فإن للشعر قدرة خارقة على إيصال المشاعر الإنسانية الأكثر دقة وحساسية خاصة عند الحديث حول موضوع حساس ومثير للحنين كالعناد والعتاب المؤرق للنفس البشرية مهما تعددت التجارب المريرة والذكريات الجميلة المرتبطة بها!