برزت حركة تعليمية وثقافية عرفت باسم "شعراء المهجر"، الذين اختاروا الهجرة إلى أمريكا الشمالية والجنوبية بحثًا عن حياة أفضل ولكن أيضًا لإثراء الحراك الثقافي والفكري بالعالم العربي. كان لهذه النخب الأدبية تأثير كبير في تحديث اللغة العربية وآدابها.
ومن أبرز هؤلاء الشعراء الأديب والشاعر العالمي جبران خليل جبران، الذي ولد في قرية بشري اللبنانية سنة ١٨٨٣م. لم يكتفِ جبران بالقوة التأثيرية التي تركتها مؤلفاته كالنبّي والنبيّرساندا زبد، وإنما أيضًا بتأسيسه مع أقرانه الرابطة القلمية عام ۱۹۲۰ م والتي بلغ عدد مؤسسيها خمسة عشر شاعراً وشاعراً وشاعرَة. كانت هذه الجمعية هدفها الرئيسي هو دعم ودفع عجلة النهضة الأدبية والتواصل بين الكتاب العرب المغتربين وتعزيز مكانة اللغة العربية عالميًا.
أما الشخص الثاني البارز فهو إيليا أبو ماضي، أحد رواد مدرسة المهجر الأصلية وباحث عنها أيضًا، والذي انطلق نحو النور من قريته المحيدة الواقعة شمالي بيروت عام ۱۸۸۹م قبل أن يستقر لاحقا بنيويورك وانضم لقائمة مؤسسي رابطة قلمٍ بحضور مجّد للشعر الحر المبسط بعيدا عما اعتاد عليه الجمهور سابقا. تناول شعر "الخمائل" المنشور بذات الاسم عام ۴۰ قضايا روحانية واستنكارًا للتقاليد الضيقة المنغلقة متخذًا نهجه الخاص المستمد غالبًا مما سبقه رحالة مثل أبي العتاهية.
ولعل أهم سمات مسيرة شعراء تلك الحقبة يكمن فيما اشتهروا به وهو الانفتاح المطلق للمقومات الجمالية للأداء الأدبي سواء بالنظر لعناصر المفردات والسجع الجميل كما نبه إليه صديقه مقربه الدكتور ميخائيل نعيمه صاحب كتاب غربال ضمن أعمال جمعياتهم المشتركه وكذلك بإعطائه أولوية أخرى تتمثل بالتعبيرعن حالة النفس الإنسانية بشكل مباشر وصريح -حتى لو امتد الأمر للغوص وسط المياه المضطربة تحت سطح الماء-. لقد ملأت رسائل هذين الرجلين وجهودهما العامة فضاء العالم الشرقي وغربيّه ومازال صداهما حاضر حتى يومنا هذا رغم مرور عقود طويلة منذ مغادرته الأرض وظلت تراثهما حيّا عبر كل عمل جديد يُنجزه خلفاؤهم بما تبقى لهم من ثمار عطاءاته العلميه والفنية .