السرد، كفن وأسلوب تعبيري، يلعب دوراً حاسماً في تشكيل التجارب الإنسانية وتبادل الأفكار عبر الزمان والمكان. يمكن تعريف السرد باعتباره عملية بناء سرديات - قصص - ذات هيكل منطقي ومباشر، ترتبط فيها أحداث و شخصيات مختلفة لتكوين قصة كاملة ومتماسكة. هذا الفن ليس مجرد نقل للأحداث؛ بل إنه طريقة قوية للتواصل، التأثير، والتفاعل مع الجمهور على عدة مستويات عاطفية وعقلية.
منذ بداية التاريخ البشري، استخدم البشر السرد لنقل المعرفة، الحكمة، والأخلاق. بدءاً من الحكايات الشعبية القديمة حتى الأعمال الأدبية الحديثة، يوفر لنا السرد رؤى عميقة حول الثقافات المختلفة، تاريخ المجتمعات الفكرية والعواطف الإنسانية المشتركة. يُعتبر السرد وسيلة فنية غنية بالرمزية والاستعارات التي تسمح بالمشاركة العميقة بين القارئ/الاستماع والكلمات المكتوبة أو المنطوقة.
عمليات كتابة ونقل السرد تتضمن عناصر متعددة مثل الشخصيات والعلاقات بينها، المكان والزمان، الحبكات والصراعات، وحلول القصص النهائية. كل هذه العناصر مجتمعة تخلق تجربة سيناريو درامي يمكن أن تكون واقعياً جداً أو خيالياً بشكل كبير حسب الغرض من السرد.
في الأمثلة الأدبية التقليدية والفولكلورية، يتم استخدام السرد لتعليم الدروس الأخلاقية والسلوكية، بينما يستغل الكتاب الحديثون قوة السرد لاستكشاف الموضوعات المعقدة المتعلقة بالحياة اليومية والمعاناة الإنسانية. سواء كان ذلك في الروايات أو الشعر أو المسرحيات أو الأفلام أو وسائل الإعلام الأخرى، فإن السرد يبقى ثابتًا كأداة رئيسية لنقل الرسائل وتعزيز المفاهيم الجديدة.
بالإضافة إلى دوره التعليمي والإبداعي، يعمل السرد أيضًا كمصدر للراحة والاسترخاء بالنسبة للمستمعين والقراء. فهو يقدم ملاذاً مقدساً حيث يمكن لكل فرد الهروب من الواقع واستكشاف عالم غير محدود بالأحتمالات – عالماً يديره فقط الخيال والحكايات الجميلة.
إن فهم دور وأهمية السرد مهم لأي كاتب يريد الوصول إلى جمهوره بطريقة أكثر فعالية. إن تعلم كيفية بناء سلسلة منطقية للقصة، وكيفية إظهار الشخصية وليس قولها، وكيفية خلق بيئة واقعية داخل النص هي أمور أساسية عند ممارسة مهارات الكتابة الجيدة. لذلك دعونا نحتفل بهذا الفن القديم ولكن دائماً حديث: السرد!