تعد "البردة"، المعروفة أيضاً باسم "البوصيريّة"، إحدى روائع القصائد العربية التي تحمل بين أبياتها حبّاً شديداً وتقديساً للسيد محمد صلى الله عليه وسلم. هذه القصيدة هي عمل للشاعر عبد الرحيم بن أحمد بن علي بن الغنامي البرعي الصنهاجي الطرابلسي القاهري، الشهير بابن البوصيري (608-695 هـ). يعتبر هذا العمل الفني أحد أهم وأشهر الألحان الدينية الإسلامية وأكثرها شهرة خارج العالم الإسلامي بسبب جماليتها وروعتها الموسيقية.
تتألف القصيدة من ثلاثة أقسام رئيسية: المدح النبوي، الوصف الجلالي لله سبحانه وتعالى، والأحداث التاريخية المرتبطة بالنبي الكريم. يعكس كل جزء منها تعمق المؤلف العميق في تقديره ومرجعيته الروحية للنبي الأعظم. تبدأ القصيدة بتسبيح لله عز وجل ثم تنطلق إلى مديح النبي محمد صلى الله عليه وسلم باستخدام لغة شعرية رائعة ومفعمة بالأدب والعاطفة.
في الجزء الثاني، يناقش ابن البوصيري صفاته الإلهية وصفاته الجماليه -كما صورته النصوص المقدسة-. وفي الأخير، يجمع بين الحدثين الديني والتاريخي لإظهار مكانة الرسول ونوره بين الأمم والثقافات المختلفة عبر الزمان والمكان. إن استخدام الشاعر للمفردات ذات المغزى العميق والإشارات المستمدة من السنة النبوية والقران الكريم جعلت منه واحداً من أعظم الأعمال الأدبية الإسلامية حتى يومنا هذا.
إن قصيدة "البردة" ليست مجرد قطعة أدبية؛ إنها رحلة روحانية وشعورية نحو القلب النقي للأديان السماوية. وقد أثرت هذه القصيدة بشكل كبير على العديد من الشعراء بعد وفاة مؤلفها، مما يدل على تأثيرها الخالد وعمق رسالتها الإنسانية والدينية.