أزمة المياه: تحديات ومستقبل الشرق الأوسط

تواجه منطقة الشرق الأوسط، المعروفة بتاريخها الطويل والثري وثرائها الثقافي والحضاري، اليوم واحدة من أكبر التحديات البيئية التي قد تشكل تهديداً وجودياً

  • صاحب المنشور: مرام بن بركة

    ملخص النقاش:
    تواجه منطقة الشرق الأوسط، المعروفة بتاريخها الطويل والثري وثرائها الثقافي والحضاري، اليوم واحدة من أكبر التحديات البيئية التي قد تشكل تهديداً وجودياً - أزمة المياه. هذه القضية ليست مجرد نقص في الإمدادات المحلية؛ بل هي نتيجة لتغير المناخ، الزيادة السكانية، والاعتماد المكثف على موارد المياه الجوفية غير المتجددة. خلال العشرين سنة الأخيرة، شهدنا ارتفاعا حادا في درجة الحرارة بمعدل يتجاوز المعدلات العالمية بنسبة تصل إلى الضعفين تقريبًا، مما أدى إلى انخفاض شديد في هطول الأمطار وتضاؤل كميات المياه المتاحة.

**التحديات الرئيسية:**

  1. نقص موارد المياه: يعتمد معظم دول المنطقة على مياه الآبار الجوفية للمياه الصالحة للشرب والإنتاج الزراعي، لكن معدل الاستخراج يفوق بكثير معدلات إعادة تعبئة تلك المياه. إن استنزاف الخزانات الجوفية بهذه السرعة يمكن أن يؤدي إلى مشاكل طويلة الأمد مثل انهيار طبقات الأرض وانخفاض مستويات المياه الجوفية الذي قد يصعب أو يستحيل عكسه.
  1. تغيّر المناخ: تعتبر دول الشرق الأوسط من أكثر البلدان عرضة لآثار تغير المناخ بما فيها موجات الحر الشديدة والجفاف والجفاف الموسمي. تتوقع بعض الدراسات العلمية زيادة كبيرة في درجات الحرارة بحلول عام 2050 والتي ستؤثر بشكل كبير على توافر المياه.
  1. الإدارة غير الفعالة للموارد: رغم كون الكثير منها غنية بالنفط والموارد، لم تتمكن العديد من الدول العربية بعد من وضع سياسات فعالة لإدارة مواردها المائية بطرق مستدامة ومتكاملة. هناك حاجة ماسة لتحسين الكفاءة التشغيلية للأنظمة الريادية والتوزيع والتحديث المستمر لأنظمة جمع وإعادة استخدام مياه الصرف الصحي والامطار.
  1. الطلب المتزايد بسبب الزيادة السكانية: يشهد الشرق الأوسط نموا سكانيا سريعًا حيث يصل عدد سكانه حاليًا حوالي نصف مليار نسمة ويتوقع خبراء السكان أنه سوف يتضاعف ثلاث مرات حتى نهاية هذا القرن مما سيولد طلب أكبر على الماء لكل الغايات المنزلية والصناعية وغيرها.

**مستقبل محتمل:**

على الرغم من هذه التحديات، فإن الحلول متوفرة وهي تحتاج فقط للتطبيق الذكي والسريع. فيما يلي بعض الخطوات المحتملة نحو حل قضية شحّ المياه:

* تحسين إدارة الموارد البينية: اعتماد تدابير مبتكرة مثل تحلية مياه البحر واستخدام الطاقة الشمسية لتشغيل محطات التحلية بالإضافة إلى تطوير تكنولوجيات جديدة للحفاظ على مياه الري وتحسين كفاءتها والاستثمار في البحث والتنمية بهدف الوصول لحلول جديدة لاستخلاص الماء من الهواء الرطب وفي المناطق الصحراوية أيضاً.

* تعزيز السياسات الحكومية: سن قوانين رادعة للاستخدام غير المسؤول للمياه وتوجيه دعم أكبر لصالح المشروعات الخاصة بتوفير المياه وإنشاء شبكات وطنية موحدة للإشراف والمعرفة حول حالة كل خزان جوفي ومنسوباته واتخاذ قرارات مبنية على البيانات وليس الظنون بشأن كيفية إدارة القطاع بأكمله بما فيه قطاع الأمن الغذائي المرتبط ارتباط مباشر بقدرتنا على زراعة محصول غذائي متنوع وكافي لدولة ذات كثافة سكانية عالية نسبيًا مقارنة ببقية العالم العربي ذو مساحته الواسعة نسبيا ولكن تركيز ديموغرافي متفاوت حسب الدولة والدخل الاقتصادي لها كذلك .

إن مواجهة هذه التحديات ستحتاج إلى جهود مشتركة بكل المقاييس سواء كانت فردية أم مجتمعية أم عالمية أيضًا فالماء مورد حيوي لكوكبنا ولا يمكن لأمة بعينها تحمل عبء التصدي للأزمات الناجمة عنه دون المساعدة الدولية الداعمة لها.


بثينة بن شعبان

6 مدونة المشاركات

التعليقات