- صاحب المنشور: فريدة السالمي
ملخص النقاش:
مع التطور المتسارع للتقنيات الحديثة والذكاء الاصطناعي بشكل خاص، يصبح من الواضح تأثير هذه التقنيات على سوق العمل العالمي. هذا التأثير ليس محدداً بمجرد ظهور وظائف جديدة تتطلب مهارات خاصة بالذكاء الاصطناعي، ولكنه أيضاً يشمل إعادة تشكيل العديد من القطاعات القائمة وتغيير طبيعة بعض الأعمال التي يقوم بها الإنسان حالياً.
الفرصة الأولى: خلق فرص عمل جديدة
أولاً، يعد الذكاء الاصطناعي مصدرًا كبيرًا لإطلاق العنان لأعمال وطاقات تجارية جديدة. مع كل تقدم تكنولوجي يأتي الحاجة إلى متخصصين جدد لتبني واستخدام تلك التقنيات الجديدة. بدءاً من مهندسي البرمجيات الذين يصممون نماذج التعلم الآلي، وحتى مديري البيانات الذين يحللون كميات هائلة من المعلومات لتحسين الأداء العام للمؤسسات، هناك مجال واسع للأشخاص ذوي الكفاءات الفنية لخلق قيمة كبيرة داخل الشركات الناشئة والموجودة منذ زمن طويل أيضًا.
تحدي الأول: استبدال بعض الوظائف البشريّة
إحدى المخاوف الرئيسية فيما يتعلق بالذكاء الاصطناعي هي قدرته على الاستبدال التدريجي لوظائف بشرية معينة. الوظائف الروتينية مثل خدمة العملاء عبر الهاتف أو الإدخال اليدوي للبيانات يمكن الآن القيام بها بكفاءة أكبر بواسطة الخوارزميات المدربة جيدًا. بينما قد يبدو هذا الأمر كخسارة محتملة للوظائف قصيرة الأمد، إلا أنه أيضا فرصة لتوجيه المهارات الإنسانية نحو مجالات أكثر تعقيداً وأكثر فائدة حيث يلعب العاطفة والإبداع دوراً أساسياً ولا يستطيع أي نظام حاسوبي تقليدها حتى الآن.
الفرصة الثانية: تحرير الوقت للإنتاجية الأكثر أهمية
بالنظر إلى الطبيعة المنظمة والمتكررة لكثير من المهام اليومية، فإن استخدام الذكاء الاصطناعي لها يسمح بتحرر الوقت الذي كان سيُخصص لهذه المهام التقليدية لرعاية أعمال أكثر حساسية وإبداعاً. وهذا يعني المزيد من الوقت للاستراتيجية، البحث العلمي، التصميم الإبداعي وغيرها الكثير مما يتطلب رؤى شخصية وفهم عميق لعالم بشري كامل. إنها ليست مجرد مسألة زيادة إنتاجية الأفراد؛ بل هي أيضا قضية تغيير الثقافة المؤسسية بأكملها نحو التركيز على الجوانب ذات القيمة الأعلى والتي غالبًا ما كانت تُستبعد بسبب عبء العمل الكبير للمهام الدنيا المستوى.
التحدي الثاني: القضايا الأخلاقية والقانونية
فيما تستمر تطبيقات الذكاء الاصطناعي في التوسّع وتغزو المجالات المختلفة، تصبح القضايا القانونية والأخلاقية جزءًا مهمًا من المناقشة العامة بخصوص مستقبل الوظائف البشرية. هل سيكون لدينا مجموعة متزايدة من "العاملين" غير المعروفين قانونيًا؟ وكيف سندير بيانات المستخدم الشخصية عند استخدام الذكاء الاصطناعي في خدمات الرعاية الصحية أو التعليم مثلاً؟ وهل سنكون قادرين على ضمان العدالة الاجتماعية عندما تقوم خوارزميات اتخاذ القرار بإجراءات مصيرية تؤثر على حياة الناس ومكانتها الاقتصادية؟ هذه الأسئلة تبرز حاجتنا الملحة للتخطيط بعناية لمواجهة مخاطر الذكاء الاصطناعي أثناء تحقيق فرص ثورته التحويلية كذلك.
وفي الختام، إن تأثير الذكاء الاصطناعي على الوظائف البشرية يعكس وجهان مختلفان لنفس العملة - الفرص والتحديات المشتركة بينهما. علينا أن نتحلى بالحكمة لاستثمار الطاقات الإيجابية للهذه الثورة التكنولوجية وبناء منظومة تناسب احتياجات المجتمع الحديث مع المحافظة على حقوق وقيم الماضي الأصيلة.