- صاحب المنشور: فايزة بن عاشور
ملخص النقاش:في مجتمعنا المعاصر، غالبًا ما نجد تناقضات ظاهرة بين الاعتقاد الديني والعلم. هذا التعارض ليس جديداً، فقد واجه المسلمين هذه القضية منذ القرن العاشر مع ظهور العلم الحديث. يعتقد البعض أن الدين يدعو إلى الغموض والتكهن، بينما يشجع العلم على البحث والدليل التجريبي. لكن الحقيقة هي أنه يمكن للتوفيق بينهما بطريقة تتماشى مع تعاليم القرآن والأحاديث النبوية الشريفة.
يؤكد القرآن الكريم أهمية الفكر والثقافة الإنسانية في العديد من الآيات. يقول الله تعالى في سورة آل عمران (191): "وقل رب زدني علما". كما تشجع الأحاديث النبوية الشريفة على طلب المعرفة والحكمة، حيث روي أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "طلب العلم فريضة على كل مسلم".
إن التوفيق بين الدين والعلوم يتطلب فهماً عميقاً لكلا الجانبين. فالدين ينظر للعالم كعمل كامل ومكتمل الصنع بإرادة الخالق، بينما يستخدم العلم طرق المنطق والاستنتاج لتفسير الظواهر الطبيعية. إن الجمع بين هذين النهجين يمكن أن يؤدي إلى فهم أعمق وأكثر شمولية للحقيقة.
على سبيل المثال، عندما نتحدث عن خلق الكون، يمكن للمسلمين القبول بالنظريات العلمية حول الانفجار الأعظم وتحولات الجسيمات دون الذرية بشرط عدم تقديمها كأساس حصري للتفكير. فالقرآن نفسه ذكر بعض الحقائق الفلكية مثل دوران الأرض حول الشمس قبل قرون طويلة من تأكيد العلماء لها علمياً.
بالإضافة إلى ذلك، فإن معظم الاكتشافات العلمية لم تتصادم مباشرة مع العقيدة الإسلامية. حتى تلك التي قد تبدو كذلك غالباً ما تحتاج إلى مزيد من الدراسة والمناقشة المفتوحة. وفي النهاية، الهدف المشترك للدين والعلوم هو تحقيق الخير للإنسانية واستخدام المعرفة لخدمة البشرية.
بالتالي، فإن الطريق نحو توحيد الدين والعلوم يكمن في احترام وتقدير قيمة كل منهما، وفهم الحدود الخاصة بهما، ثم العمل على دمج وجهات النظر المختلفة لتحقيق رؤية أكثر شمولاً وثراءً للحياة والمعنى.