• صاحب المنشور: نادين الجزائري
  
  ملخص النقاش:
  في عصرنا الحالي الذي اتسم بتطور هائل في مجال التكنولوجيا، صار لوسائل الاتصال الرقمية دورًا بارزًا ومؤثرًا في حياتنا اليومية. هذه الوسائل سهلت التواصل بين الأفراد بغض النظر عن المسافات الجغرافية وأحدثت تحولاً كبيرًا في طريقة تفاعلنا الاجتماعي. بينما قد يبدو هذا الجانب الايجابي مثاليًا، إلا أنه يجدر بنا طرح الأسئلة حول الآثار المحتملة لهذه التقنيات على طبيعة علاقاتنا البشرية وكيف تغير مفهوم "الصداقة" أو "العائلة".

إن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي واتساع نطاقها الواسع يوفر فرصًا ذهبية للتواصل الفوري مع الأصدقاء والمعارف البعيدين جغرافياً. فالكثير من الأشخاص يستخدمون هذه المنصات للحفاظ على روابطهم الاجتماعية ولا سيما خلال فترات الحجر الصحي المفروضة بسبب جائحة كوفيد-19، حيث تعتبر تلك الأدوات lifeline حقيقية لمنع الشعور بالعزلة الاجتماعية. بالإضافة إلى ذلك، توفر تقنيات الفيديو والمكالمات المرئية تجربة تفاعلية أكثر غنى مما يمكن تقديمه عبر الرسائل المكتوبة وحدها؛ إذ تسمح برؤية تعابير الوجه وتعزيز المشاعر الإنسانية التي تتجاوز الكلمات المطبوعة.

ومن ناحية أخرى، فإن الاستخدام المكثف للأجهزة الإلكترونية والعيش ضمن بيئات رقمية افتراضية يتطلب الانتباه لتأثيراتها الجانبية المثبت علمياً والتي تشمل زيادة احتمالية اختلال توازن الصحة النفسية والإدمان عليها وتراجع مهارات التواصل غير اللفظي لدى الأطفال خصوصا. كما أدى الاعتماد الزائد على الإنترنت والتطبيقات المجتمعيّة إلى خلق جيل جديد يعاني من ضعف المهارات العملية والحس الواقعي نتيجة قلة التعامل المباشر وجهاً لوجه مع الآخرين خارج حدود العالم الافتراضي الكبير.

لذلك، بات واضحاً ضرورة العمل الدائم لموازنة مزايا وفوائد التقدم التكنولوجي الحديث بالتزامن مع وضع استراتيجيات لحماية مجتمعاتنا المحلية وزراعت قيم ثقافية تساهم ببناء شبكات دعم اجتماعي أقوى والأخذ بعين الاعتبار أهمية وجود مساحات حميمة خاصة بالتعامل الشخصي الشخصي وبناء الروابط العاطفية المعتمِدة أساساً على الاحترام المتبادل والثقة والقرب المكاني البديهي وليس فقط القرب الرقمي الظاهري المبنيان علي الضوء والشاشة والشباكة العنكبوتية .

وفي النهاية، ينصب التركيز الرئيسي لهذا الحديث التحليلي الحاضر أمامكم الآن حول كيفية تحقيق الانسجام الأمثل بين عالمَي الحياة الحقيقي والإفتراضيين وذلك بهدف ضمان perpetuation نمط حياة متوازن وصحي لا يقصي أيٌّ منهُما ويضمن للمجتمع الجديد المستقبلي الجمع بين أفضل ما يقدمه كل منهما واستغلال طاقاته الإنتاجية القصوى دون شطط أو إفراط تؤدي إلى نتائج سلبيَّة مضرة بصحتنا النفس والجسد والجماعة عموما.