تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على العلاقات الاجتماعية: بين التفاعل الإلكتروني والتواصل الحقيقي

التعليقات · 1 مشاهدات

في العصر الحديث، أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية. فهي توفر لنا منصة للتواصل مع الأصدقاء والعائلة والأشخاص الذين نعرفهم،

  • صاحب المنشور: فاضل القاسمي

    ملخص النقاش:
    في العصر الحديث، أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية. فهي توفر لنا منصة للتواصل مع الأصدقاء والعائلة والأشخاص الذين نعرفهم، بالإضافة إلى توفير الفرص للتعرف على أشخاص جدد ومشاركة التجارب والخبرات المختلفة. ولكن، كيف أثرت هذه الوسائل على طبيعة العلاقات الاجتماعية التقليدية؟ هل أدت إلى تقوية الروابط أم أنها جعلت التواصل الإنساني أكثر افتقاراً للحميمية؟

وسائل التواصل الاجتماعي مثل Facebook وTwitter وInstagram وغيرها سهلت الكثير من الأمور بالنسبة للمجتمع المعاصر. فقد أصبح بإمكان الأشخاص البقاء على اتصال حتى وإن كانوا بعيدين جغرافيًا. هذا النوع من الاتصال "الافتراضي" يمكن أن يدعم علاقات قد تكون ضعيفة أو متباعدة بسبب المسافات الكبيرة. كما أنه يوفر مساحة مشتركة للأفراد ليتشاركو تجاربهم وأفكارهم حول مواضيع مختلفة، مما يعزز الفهم المتبادل والتقبل الثقافي.

ومع ذلك، هناك وجه آخر لهذه القصة. الدراسات الحديثة تشير إلى أن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بكثافة يمكن أن يؤدي إلى انخفاض الجودة العامة للعلاقات الشخصية. البحث الذي أجراه الدكتور كريستيان كارلسون وجامعة ستوكهولم عام 2018 كشف عن ارتباط سلبي بين وقت الاستخدام اليومي لوسائل التواصل الاجتماعي وصحة العلاقات الاجتماعية لدى الشباب. حيث أظهر التحليل أن أولئك الذين يستخدمون الإنترنت لساعات طويلة كل يوم يميلون لأن يكون لديهم عدد أقل من اللقاءات الشخصية المنتظمة وأن قيمة تلك الاجتماعات عند حدوثها تكون أقل غنى بالتجارب المشتركة.

يمكن النظر إلى هذه الظاهرة عبر عدسة الضوء الخاطئ الذي تصوره فيه وسائل التواصل الاجتماعي لحياة الآخرين. فالحدث القصير والممتع الذي يتم مشاركته عبر موقع اجتماعي قد يبدو وكأنّه حياة كاملة مليئة بالسعادة والسلاسة بينما الواقع مختلف تمام الاختلاف. هذا الخلل في الصورة الذهنية يمكن أن يخلق شعوراً بالوحدة والإحباط لدى المستخدمين الذين يشعرون بأن حياتهم ليست بنفس مستوى حيوية الحياة التي يرونه على شاشة هاتفهم المحمول.

ومن جانب أخر، فإن الدراسات أيضا ذكرت تأثير وسائل التواصل الاجتماعي السلبي على الصحة النفسية للشباب خاصة فيما يتعلق بالإدمان والتسبب في الشعور بالنقص وعدم القدرة على التوازن بين العالم الرقمي والحقيقى . إحدى الدراسات التي نشرت عام ٢٠١٩ فى مجلة علم نفس الطفل والطفولة المبكرة ربطت زيادة زمن التعرض بوسائل التواصل الإجتماعي بانخفاض تقدير الذات ومستوى الاكتئاب لدى الأطفال والمراهقين.

ولكن، رغم هذه الآثار الجانبية المحتملة، فإنه لا ينبغي تجاهل الدور المحوري الذي تقوم به وسائل التواصل الاجتماعي في عصر المعلومات الحالي. إنها أداة فعالة لمشاركة الأخبار والمقالات وتقديم التعليم والدعم النفسي. إن المفتاح يكمن في تحقيق توازن صحي -استخدام وسائل التواصل بذكاء وبمعرفة حدودها وقيمتها-. يجب تعليم الشباب كيفية إدارة الوقت واستخدام هذه الأدوات بطريقة تحافظ على صحتهم العقلية والجسدية ولا تؤثر سلبا على علاقاتهم الشخصية. إنه تحدٍ كبير لكن الحل بسيط: فهم مسؤولياتنا كمستخدميين وعمل خطوات صغيرة نحو بناء مجتمع رقمي يساهم بشكل ايجابي في رفاهيتنا العامة.

التعليقات