فهم سياسة التقشف ودورها في إدارة دين الدولة

التعليقات · 0 مشاهدات

سياسة التقشف هي مجموعة من التدابير الاقتصادية القاسية التي تنتهجها حكومة دولة ما لعلاج مشكلة الدين العام المتزايد. وهذا يعني تقليل النفقات العامة لاست

سياسة التقشف هي مجموعة من التدابير الاقتصادية القاسية التي تنتهجها حكومة دولة ما لعلاج مشكلة الدين العام المتزايد. وهذا يعني تقليل النفقات العامة لاستعادة الوضع المالي للبلاد بعد أن أصبح عبء الديون يفوق الإيرادات الحكومية، مما يؤدي إلى عجز كبير في موازناتها السنوية. ويتم اتباع هذه السياسة عندما تصبح مخاطر التخلف عن السداد عالية جدًا.

يمكن تلخيص أهم أهداف سياسات التقشف بما يلي: الحد من ديون الحكومة وخلق توازن جديد بين الإيرادات والنفقات العامة للحفاظ على الاستقرار المالي للدولة. ولكن هناك جدل حول مدى فعاليتها؛ فالعديد من الخبراء الاقتصاديين يشكون في كونها وسيلة فعالة للتغلب على الانكماش الاقتصادي.

من بين مظاهر تأثير سياسات التقشف السلبي تأثيراتها الأكثر شدة على الطبقات ذات الدخل المنخفض مقارنة بالأغنياء والثريين. فهي غالبًا ما تشمل قطعاً في الخدمات الحكومية الحيوية كالرعاية الصحية والاجتماعية، الأمر الذي يعرض الفقراء والمحتاجين لأشد المضاربات أثناء الفترات الاقتصادية الصعبة. وفي أغلب الأحيان يتم التركيز كثيرًا على زيادة الضرائب وخفض الرواتب والأجر الوظيفي، بينما تعاني البنى التحتية والبرامج الرئيسية الأخرى للإصلاح الاجتماعي والتطوير العمراني بشكل عميق أيضًا تحت وطأة تلك السياسات المؤلمة.

يتخذ تنفيذ سياسة التقشف عدة أشكال مختلفة وفق الظروف الخاصة بكل بلد وحكوماته المستهدفة. وقد تتضمن الزيادة في الرسوم الضريبية بالإضافة لحملة تسريح للعاملين الحكوميين زائدة الوزن، وهو نهج معروف باسم "نموذج أنجيلا ميركل". وهناك طريقة أخرى تتمثل بخفض الضرائب مقابل انخفاض المصروفات التشغيلية مقترنة بتعزيز الثقة لدى الجمهور بأن قطاع الأعمال سوف يستثمر ويولد فرص عمل جديدة. لكن الجانب الآخر لهذه الطريقة يكمن فيما إذا كانت البلدان قادرة حقاً على تحمل المزيد من المخاطر ولديها القدرة لتحقيق نمو اقتصادي ثابت ومستدام.

بينما يتعلق الجزء الأكبر من عمليات اقتطاع نفقات الدولة بالموارد البشرية والحفاظ على مستوى المعاش التقاعدي الحالي وتوفير التسهيلات اللازمة لبناء وصيانة شبكات البنية التحتية الأساسية وضمان تقديم الرعاية الصحية المناسب للمواطنين. تُستخدم وسائل عديدة للتحكم بالإنتاج الحكومي كتجميد أجور ومخصصات موظفي القطاع المدني وتقييد التجول والسفر محاولاً احتواء التصعيد السكاني الناجم عن البطالة المتنامية وانتشار حالات اليأس والمعاناة داخل مجتمعات فقيرة بالفعل أثرت فيها حالة الترنح الاقتصادي واضطرابات السوق العالمية بشدة خلال فترات مضطربة تاريخياً.

وبالتالي فإن قضية فعالية سياسة التقشف تبقى محل نقاش وجدال طويل الأجل وسط الخلاف العلمي وأولويات الشعوب المختلفة تجاه مصائرهم المعيشية وما ينتج عنها من اضطرابات اجتماعية قد تنذر بانفلات الوضع الأمني العام حال إساءة التعامل معه وعدم مراعاة حقوق الإنسان الأساسية لكل طرف مهتم بالمسألة سواء كانوا مسؤولين منتخبين أم أقل طبقات سكانية معرضة للمزيد من الضغط حينما يصل الأمور لطريق مسدود!

التعليقات