تعتبر مدينة قرطبة الواقعة في جنوب غرب إسبانيا واحدة من أهم المدن التاريخية والثقافية في البلاد. لقببتها اسم "عروس النهر" بسبب موقعها الاستراتيجي عند ملتقى نهري الوادي الكبير والواد الصغير، مما جعل منها مركزاً تجارياً هاماً منذ العصور القديمة وحتى يومنا هذا.
تعود جذور هذه المدينة إلى عهد الرومان الذين أسسوا مستوطنة صغيرة هناك قبل الميلاد. ولكن ذروة ازدهارها جاءت خلال فترة الحكم الإسلامي بين القرن الثامن والتاسع عشر عندما كانت العاصمة الثانية للإمام عبد الرحمن الداخل مؤسس الدولة الأموية في الأندلس. شهد ذلك الوقت نموًّا ثقافياً وفنياً كبيرة حيث شيد المسجد الكبير الذي تحول لاحقاً إلى كاتدرائية سانتا ماريا ديلا كوردوبا الشهيرة حاليًا.
بالإضافة إلى المعالم الدينية البارزة مثل المعبد اليهودي وكاتدرائية القديس نيكولاس، تعد قرطبة موطن العديد من المتاحف والمواقع الثقافية الأخرى بما فيها متحف غويزينتي ومكتبة جامعة قرطبة ومتحف الفنون الجميلة وغيرها الكثير. كما تحتضن المدينة مجموعة متنوعة من الفعاليات السنوية مثل مهرجان الموسيقى القرطبي الدولي والعروض المسرحية الوطنية والإقليمية.
من الناحية الجغرافية، تتمتع قرطبة بموقع رائع محاط بالجبال الخضراء والبحيرات الهادئة مما يجعلها وجهة شهيرة للسياح المحبين للمشي لمسافات طويلة والاسترخاء وسط الطبيعة. وتشتهر أيضاً بصناعة الجلد والحرف اليدوية التقليدية التي تعكس تراث المنطقة الغني.
بفضل تاريخها المضمون وجمال طبيعتها وروعتها المعمارية، تستحق قرطبة مكانها ضمن قائمة اليونسكو للتراث العالمي كمكان مهم للحفاظ عليه للأجيال القادمة. إنها حقاً رمز لتاريخ العالم العربي والإسلامي المشترك مع أوروبا عبر نهر الوادي الكبير الرابط بين الشرق والغرب.
