الفينيقيون القدماء: جذور حضارية غنية في الجزائر

الفينيقيون، شعب البحر المتوسط القديم ذو الأصول الشامية، تركوا بصمة واضحة في تاريخ شمال أفريقيا بشكل عام وفي الجزائر تحديداً. هذه البصمة ليست فقط مادية

الفينيقيون، شعب البحر المتوسط القديم ذو الأصول الشامية، تركوا بصمة واضحة في تاريخ شمال أفريقيا بشكل عام وفي الجزائر تحديداً. هذه البصمة ليست فقط مادية عبر المباني والحرف اليدوية التي ما زالت موجودة حتى اليوم ولكن أيضاً ثقافية بما تعنيه من أساليب حياة وتقاليد دينية.

في القرن الثامن قبل الميلاد تقريباً، بدأ المستعمرون الفينيقيون بإقامة مستعمرات ساحلية في المنطقة المعروفة الآن بالجزائر. أول هجرة كبيرة كانت إلى منطقة وهران حالياً والتي عرفت آنذاك باسم "إيكوسا". هذا الموقع تم اختياره بسبب موقعه الاستراتيجي كمحطة تجارية رئيسية بين الشرق الأدنى وأوروبا.

كان للفينيقيين دور كبير في تشكيل الاقتصاد المحلي من خلال تقديم مهاراتهم التجارية المتقدمة. كانوا يمتلكون سفن بحرية متخصصة للتجارة الطويلة المدى وكانت لديهم شبكة واسعة من العلاقات التجارية مع الشعوب الأخرى حول حوض البحر المتوسط. بالإضافة إلى ذلك، قاموا بتقديم حرف مثل النسيج والنحت وصناعة الزجاج والمعدن.

على الجانب الثقافي والديني، كان للفننيكيين تأثير عميق. أدخلوا نظام كتابة فينيقس والذي تطورت منه اللغة العبرية والألفباء اليونانية لاحقا. كما أثروا بشدة في الديانة المحلية. بعض الآلهة الفينيقية مثل بان وبعل حامول أصبح لها مكان مهم ضمن الدين البربري الجزائري فيما بعد.

بالإضافة لذلك، قدمت المدن الفينيقية الحديثة نموذجا عمرانيا فريدا جمع بين الوحدات السكنية المرتبة بطريقة منظمة والشوارع الضيقة ذات الأسواق والمساجد. هذا النوع من الهندسة المعمارية يمكن رؤيته حتى الآن في العديد من المواقع التاريخية في الجزائر مثل مدينة قسنطينة القديمة التي اكتسبت اسمها الروماني "Circassia"، وهو تحريف لكلمة "Qart Hadashta" وهي الاسم الفينيقي لمدينة جديدة.

هذه الجذور الحضارية الغنية للفينيقيين في الجزائر تظهر مدى العمق والتأثير الذي خلفوه رغم مرور آلاف السنوات منذ رحيلهم عنها.


محبوبة القبائلي

4 مدونة المشاركات

التعليقات