قرطاج، المدينة النابضة بالحياة التي تقع على ساحل البحر الأبيض المتوسط، هي شاهد حي على حضارات امتدت عبر الزمان. تحتضن هذه المدينة الجذابة تراثًا ثقافيًّا غنيًّا ومتنوعًا، يعكس مجدًا ساد المنطقة لعدة قرون. إن زيارة هذا المكان يعني التنقل بين حقبات متفرقة من التاريخ القديم، بدءًا من الآثار الرومانية القوية وحتى المساحات المقدسة للأديان الوثنية. دعونا نستعرض بعضًا مما يجعل آثار قرطاج تحفة جمال وفخرٌ لأهل تونس ومنطقتهم العربية.
بيرسا: عمق الماضي وسحر الثقافة
بيرسا، باعتبارها مكانًا أثريًّا بارزًا، تكشف لنا جانبًا مهمًّا من حياة القرطاجيين. هنا، ترنو أبصارنا نحو معابد راسخة مثل معبد إيسكلوبايوس - والذي كان مكرسًا للإلهين «جونو» و«مينيرفا». يُشيد تصميم معماريته الرشيق بالمهارة الهندسية التي تميز تلك الحقبة. كما توفر شوارعه المرصوفة وبناه الدينية والمذهبات فرصة فريدة لاستعادة مشاهد الحياة اليومية والعادات والمعتقدات القديمة لهذه الحضارة. إن التجول وسط ركام ماضي يمكن استرجاعه مباشرة يعد رحلة آسرة عبر الزمن تلقي نظرة خاطفة على عالم مختلف تمامًا.
فلل قرطاج: تفاصيل فنية وإبداعات فناني عصر النهضة
ومن بين كنوز قرطاج أيضًا فللها المهيبة ذات التصميمات الداخلية الرائعة. تُعدُّ أرضيات الفسيفساء الملونة جزءًا أساسيًّا من هويتها الجمالية، بينما ترتفع الأعمدة الضخمة لتندمج بسلاسة مع بنيان كل فيلا. تقدم هذه المنشآت رؤية عميقة حول مستوى الرفاهية والثراء الذي وصل إليه سكان قرطاج آنذاك. وينظر الواحد منهم اليوم إلى بحر تونيس من شرفة مرتفعة تأسر الناظر إليها بإطلالتها الخلابة على المياه الفيروزية وجبال خلفية شاهقة. إنها قطعة فنية تستحق الاحترام والإعجاب!
توفاة: محراب مقدس وحرم روحاني كبير
يتحول تركيز انتباهنا الآن تجاه توفاة، حرم ديني ذائع الصيت منذ القدم. لقد ظل ملاذًا مقدسًا يدين بولائه لإله سامي اسمه "بعل". يحفظ هيكل الموقع الكثير ممّا شهد عليه الماضي البعيد. تشكيلات حجريه مذهله تصطف جنبًا إلى جنب مع نقوش محفورة جدرانه تخاطبك بلغة غير مفهومة لكنها واضحة المؤثرات النفسيه لها. وقد اعترف المجتمع الدولي بهذا الموقع لما يتمتع به من خصوصية وأهميته العالمية عندما صنفته منظمة اليونسكو كتراث بشري عالمي يستحق الحفاظ عليه وتعزيز دوره التعليمي والترويج السياحي له، وذلك بحلول العام ١٩٧٩ميلادي .
حمامات انطونيوهات: بناء ضخم ودليل على عظمتها الصناعية
وتتجلى براعة مهندسي ورواد أعمال القرطاجة ايضا فى اقامة حماما داددا وانخلدا باسمهن "حمامات أنطونيو"، وهى عبارة عن مشروع هندسى هندسى مبهر ابتدأ تنفيذه أيام الإمبراطور الهادرانس واكماله فيما بعد عند حكم الانطونيو الاول ، وبعد قرن كامل تقريبًا تعرض هذا العمل لدمار جزئي إلا أنه تمت جهود ترميمه ونظافته مرة أخرى أثناء الفتح العربي للعاصمة القرطاجنة الجديدة . ومازالا اليوم يشكل رمزا جميل لرقي العمران فى ذاك الوقت بالإضافة انه يحتضن مساحات كبيرة مشتركة داخليه وخارجيه تستخدم جميع أنواع الاستخدامات بما فيها أحواض سباحة وغرف تبديل ملابس خاصة بالأطفال والكبار وكذلك دورات مياه عامة وغيرها كثير منها أماكن تجمع اجتماعى رياضى متنوع ...الخ...
خزن مواد غذائيه : نظام ذكي لإدارة موارد البلاد الطبيعية
وأخيراً وليس آخرا فإن تزويد المحافظه بشبكه فعالة لنظام نقل الماء المراد استخدامها "خزان مالح" أمر ضروري للغاية لتحقيق الاكتفاء الذاتى والاستقرار الاقتصادي للحكومة المركزية خلال فترة نشوئهما الأولى ، وهذا واضح جدا عند النظر نحوه بشكل خاص ؛حيث قامت جماهير الشعب المصروف عليها لبنائها منذ مطلع القرن الثانى ميلاديا وعندما يجذب الانتباه الياس كذلك فان هناك خطوط طوله كيلومتر واحداً تربطه بغرض توصيله مباشرة بمصدر خارجي لقناة تغذي عن طريق عين مياه طبيعية بجبل زاغنون الذى يقبع حاليًا داخل حدود دولة المغرب الحديثه ..وهو الأمر نفسه ينطبق أيضا علي مناطق أخري في العالم القديم مما يؤكد بذلك قدرة هؤلاء الرجال علي تطوير حلول مبتكرة للتغلب علي تحديات بيئية مختلفة مثيلة لذلك !
إن زيارتك لمدينة قرطاغ ليست مجرد مغامره تاريخيه رائعه فقط وإنما تعتبر أيضا رحلات بحثيه علميه رائعة تساعد علي فهم أعمق لعلم الاثار والحضاره الإنسانيه عموما....
