في أعماق شبه جزيرة بورنيو، ترقد بين أحضان نهر براوني الجميل جوهرة عربية شرق آسيوية فريدة تحمل اسم "قصر نور الإيمان" - ليس مجرد مجمع سكني لأحد أكثر الحكام ثراءً وتاريخيًا عالميًا، بل كنزا تراثياً مهدداً يزخر بتاريخ مليء بالأحداث والمآثر. يحكي لنا هذا القصر قصة سلطنة برواني الصغيرة الواقعة شمال سومطره والتي تعد واحدةٌ من آخر دول العالم الإسلامية ذات الحكم الملكي المطلق.
تُشير تقديرات مراكز الدراسات العالمية حول مقتنيات هذا القصر الكبير بأنّه الأكبر حجماً على مستوى العالم حالياً، إذ تتخطى مساحته المرئية المُعلن عنها رسميًا حاجز ٢٠٠ ألف متر مربع! وهي منطقة مصممة بشكل حرف L مستعرض، مما يكشف مدى اتساعها الهائل. إنه مثل طائر النسر الضخم منتشر بجناحيه فوق الأرض بينما يعكس شبابيكه الزجاجية لون الشمس الذهبي عبر ألوان مختلفة حسب وقت النهار. ويتبع شكل القصر هيكل معماري هجين ينساب ذوقه الشرقي القديم بطابع حديث عصري، مما يوحي بتعدد الثقافات المتبادلة التأثير داخل البلاد. فقد اعتمد المصمم الرئيسي للفكرة المعمارية للقصر السيد "ليوناردو لوكسن"، وهو مهندس بنايات معروف محليا وعالميا بفنه البنغلادي المحبب، دمج أساليب الفن التشكيلي العربي والإسلامية مع تفاصيل معمارية خليجية تقليدية مميزة. ولذلك يبدو المبنى شامخ الأفق متيجاً نحو الأعلى بواسطة صفوف طويلة من الأعمدة الرشيقة منحنية رأسيا وبشكل دوراني راقي للغاية. وهناك أيضا العديد من المنارات المرتفعة المغطاة بمادة ذهبية لامعة ترمز للإشعاع الروحي للبلاد.
أما موقع بناء المشروع فهو قرب مدينة بندر سيريفاهجان؛ المركز السياسي والتجاري المؤثر للسلاطين منذ القدم حتى اليوم، ومكان انطلاق رحلاتهم البحرية التجارية والبحرية العسكرية أيضاً. وفي الواقع فإن اختيار الموقع الهادئ بالقرب من الشاطئ المفتوح للنهر لم يكن صدفة بالمطلق كون المدينة مرتبطة بحفلاتها السنوية الطقوسية الخاصة بها طبقا للتقاليد المحلية. لذا اختير مكان مناسب لاستضافة فعاليات خارج الحدود المعتادة لداخل القصور الملكية المغلقة أصلا أمام العامة لفترة مطولة ممنوعة الوصول إليها إلا عند مواسم خاصة قليلة فقط كل عام تشهد تواجد الحكومة تحت سقف واحد للحاكم وجماعته الوزارية في اجتماعاتهم الرسمية المنتظمة قبيل عيد الفطر المبارك مثلاً. لكن تبقى هذه المعلومة جزء صغير جدا من الحقائق المثيرة الأخرى المتعلقة بهذا المكان الغريب حقا والذي سيترك أثرا عميقا لدى زيارتكم له بلا شك.
وعلى الرغم من افتتاحاته الموسمية المعدودة نسبياً مقارنة بدور أخرى مشابهة لها نفس الوصف ولكن انتشارها واسعا جغرافياً، يبقى لقصر نور الإسلام أهميته الاستراتيجية للدولة بكل اقتدار واضح. فعندما نتفحص نطاق الواجهات الخارجية ونستشعر حساسية خطوطها الهندسية المستمرة غير المقيدة بالحواف أو الزوايا، تصبح لدينا فكرة عامة عنه باعتباره مركز حياة الدولة السياسية والاقتصادية والسياحية مجتمعة! فالمدينة المحاذية مباشرة لبحر الصين الجنوبي تستقبل سنوياً ملايين السياح الذين يسعون لرؤية آثار الماضي والحاضر المعاصر لسلالة قديمة متصلة بالتراث الإسلامي الشامل لمنطقة الشرق الأوسط الحيوي اقتصاديا وثقافيا. وينقسم قلب المشروع نفسه لشعبتين أساسيتين؛ الأولى عبارة عن مبنى كبير يسمونه هنا "الدوبلكس" ويخصص خصيصا لحماية آل آل باوي ضمن حرم خاص بهم منعزل وخارج دائرة اهتمام الجمهور العام إلّا خلال المناسبات الوطنية الوطنية كالذكرى الخامسة والعشرين لتولي عبد الله محمد صلاح الدين جلال الدين ابن إسماعيل خان بن علي بن أحمد جلالتها رياسة السلطة التنفيذية للس Sultanate of Brunei Darussalam سنة ١٩٦٧ ميلادية الموافق لتحرير المسلمين واستقلالهم أخيرا عقب فترة حكم بريطانية دامت حوالي قرن كامل سابقا... أما القطعة الثانية المرتبة خلفهما فهي موطن لمسؤولين حكوميين مختلفين يشمل المدير ورئيس مجلس وزرائها إضافة لعشرات السياسيين الآخرين وكبار المسؤولين أيضًا الصالحين جميعاً لاحتواء تجمعات كبيرة يصل معدلها الأربعمائة شخص لكل يوم عمل مقابل دوامي صباح مساء وذلك وفق نظريات علم الاجتماع البرواني الحديث الجديدة الحديثة والتخطيط العمراني التقليدي القديمة القديمة! لذلك يعد ذلك المختلط مثال جيّد لكيفية تنمية المجتمع والقوميات المختلفة داخل ولاية صغيرة بكافة أنواع العنصرية والشخصيات الاجتماعية المختلفة عليها بصورة مرئية واضحة. وهذا الأمر بدوره دليل حي على قدرتها الكاملة على التعايش بسلاسة رغم اختلاف الطبقات والثقافات المتنوعة آنذاك حين كانت هناك عقبات جمّة أمام اندثار ثقافتها العربية الأصلية بسبب تأثير الأوروبيين خصوصا البريطانیین تحديدا والتي أدت لاحقا لظهور نهضة جديدة مدارة عقلانيا وفكريا الآن داخل المناطق الداخلية النائية وسط الغابة الخضراء الشاسعة بدون دخول أحد أفراد الشعب بشؤون السياسة أبدا.
وفي النهاية رسالة هامة نقصد إيصالها لكم انه وإن كان ظاهر الصورة هو مظاهر الترف والفخامة فقط ولم يستطع بعض الناس فهم مضمون جماليتها ووظائفيتها العملية فنحن ندعو الجميع لتغيير منظور رؤاهم تجاه هذا النوع من الأعمال اليدوية الرائعة والمعبرة عن جذور الثقافية بالإقليم المحيط بالإنجازات الإنسانية الرائعه بغض النظرعن طبيعة الاحتلال السابق السابق للأوصياء البيضاء عليهم