- صاحب المنشور: إبتسام الودغيري
ملخص النقاش:
في السنوات الأخيرة، شهدت دولة قطر تزايداً ملحوظاً في الاستثمارات الضخمة في القطاع الرياضي. وقد استقطبت هذه الجهود العديد من الأحداث العالمية الكبرى مثل كأس العالم لكرة القدم، مما جعل منها مركزاً رئيسياً للأحداث الرياضية الدولية. لكن هذا الاهتمام المتزايد لم يخلو من الاحتجاجات التي أثرت بشكل كبير على الجانب الاقتصادي لهذا البلد الخليجي.
منذ بداية حملتها لاستضافة كؤوس عالمية رياضية، واجهت قطر انتقادات بشأن ظروف العمل والحقوق الاجتماعية للمهاجرين العاملين هناك. كما طرحت قضايا حقوق الإنسان حولهما نقاشًا عامًا واسع النطاق حول جدوى استثمار أموال ضخمة في حدث رياضي بينما تُهمل القضايا الأساسية الأخرى. وعلى الرغم من التغيرات الإيجابية التي تم تحقيقها فيما يتعلق بشروط عمل بعض العمالة المهاجرة، إلا أن الانتقادات مستمرة وتؤثر بالفعل على صورة البلاد وتدفقه السياحي والإعلامي.
هذه الحركة المناهضة للاستضافة قد أدّت إلى خسائر اقتصادية غير مباشرة وغير محسوبة حتى الآن. فالسياحة والصناعة الفندقية، التي كانت تشهد نموا مطردا نتيجة لهذه الاحداث الرياضية، قد تأثرت بصورة سلبيّة بسبب التحذيرات الإعلامية والسلبية تجاه الظروف المحلية. بالإضافة لذلك، فقد يستغرق الأمر سنوات حتى يبرد غضب الرأي العام العالمي ويستعيد الحدث بريقه السابق كموقع مرغوب به للفعاليات الرياضية.
وعلى المستويات السياسية والدبلوماسية أيضًا، تعتبر سمعة الدولة ومصداقيتها عوامل مهمة للغاية عندما يتعلق الأمر بتقديم عروض لاستضافة أحداث دولية أخرى مستقبلاً. فالنقاط الناجمة عن عدم احترام معايير العمل المعيشي الإنساني يمكن أن يعيق جهود جذب دعم نظرائها الدوليين في المجال السياسي والثقافي والتجاري أيضاً.
وفي المقابل، فإن التأثيرات الإيجابية للاحتجاجات تتضمن الضغط نحو تحسين البيئة العمالية وتحقيق المزيد من الحقوق الاجتماعية داخل المجتمع القطري. وهذا يشمل الدفع باتجاه تعزيز الرواتب وتعليم المهارات الجديدة وزيادة فرص الترقية الوظيفية للعاملين المهاجرين الذين كانوا يعملون تحت ظروف معيشية صعبة سابقاً. ومن ثم فإن الجوانب الإيجابية هذه تلعب دوراً هاماً في تطوير مجتمع أكثر عدالة اجتماعية واقتصاديًا أيضاََ.
ومن هنا تبدأ عملية الموازنة بين المكاسب قصيرة المدى المرتبطة بالاستعدادات الأولمبية الضخمة وبين المخاطر طويلة الأجل المحتملة الناشئة عن الصورة السيئة التي خلفتها تلك التدابير المضطربة ذات الشأن الاجتماعي البارز لدى عامة الناس اليوم. إن فهم آليات الربط بين تأثير المؤتمرات/القمة الدولية واحتجاجاتها العامة يعد جزء أساسي لفهم كيفية التعامل بكفاءة مع هكذا مواقف إشكالية في المستقبل - سواء من منظور اقتصادي أو سياسي أو أخلاقي.