تتمتع مدينة تلمسان الجزائرية بتاريخ غني ومتعدد الثقافات ينعكس بشكل واضح في معالمها الأثرية التي تعود لأصول إسلامية مترامية الأطراف. نستعرض هنا بعض هذه الآثار الفريدة التي تشكل شهادة قوية على ثراء الماضي والحاضر المديني.
يمثل حصن المُعسكر (أو كما يعرف بحصن المنصورة) رمزًا مؤثرًا لتاريخ تلمسان المبكر. يعود تاريخ هذا الحصن القوي إلى فترة حكم الموارنة الذين استخدموا موقعه الاستراتيجي لإحداث تأثير سياسي كبير على المدينة منذ القرن الرابع عشر. ويقف اليوم شاهدا صامتا على تلك الحقبة المضطربة من تاريخ المدينة.
وعلى مسافة قصيرة منه يوجد مسجد سيدي بلحسن - أحد كنوز الفن الإسلامي المحفوظة جيدا والذي تم توثيقه رسميًا منذ عام ١٢٩٦ ميلادية. وقد تعرض المسجد لسلسلة من عمليات الترميم والتحديث حتى أصبح متحفا مفتوحا لاستقبال الزائرين والسياح المهتمين بالتراث الإسلامي المتفرد.
وفي قلب المدينة الضاربة بجذورها القديمة، يمكن رؤية الجامع الكبير الذي ارتبط ارتباطا وثيقا بتأسيس تلمسان كمدينة بمبادرة الوزير المرابطي الشهير سنة ١٠٨٢ م. يتميز التصميم الهندسي للمسجد بثرائه الزخرفي وأروقته واسعة ذات قبب بارزة مما جعله تحفة معمارية ترقى لعصر خلافة إسلامية ذهبية.
وبالتوجه أكثر باتجاه المركز نصل لقصر مشورة، وهو قطعة أثرية أخرى من القرون الوسطى كانت ملكا للحاكم المحلي "يغمراسن"، ومن ثم انتقلت الملكية لاحقا للأمير العثماني "بربروس". وظلت مكانا هاما حتى بداية حقبتي المستعمرة الفرنسية حيث اقتطع جزء منها لمستشفى قبل فتح باقي القطعة العامة للاستجمام والاستكشاف السياحي.
ختاما وليس آخرا، يشيد مسجد ضريح الشيخ سيدي بومدين بشموخ بالقرب الجنوبي الشرقى ليسلط الضوء على الانتماء الروحي العميق للسكان المحليين والدوليين كذلك نظرا لأهميته الدينية الواضحة والتي تتضمن أيضا أعمال ترميم ماهرة نفذت بواسطة حرفيين متخصصين قادمين خصيصا من فاس المغربية الشقيقة. كل واحد لهذه المعابد والأماكن له قصة فريدة ومدهشة تستحق التأمل الجميل.