تعتبر قبيلة قحطان واحدة من أبرز القبائل العربية التي تتمتع بتاريخ غني ومعقد ينتمي إلى شبه الجزيرة العربية. يرجع نسبها إلى النبي هود عليه السلام وفقاً للتقاليد الشعبية والإسماعيلية المتوارثة عبر الأجيال. تشتهر هذه القبيلة بتعدد الفروع والفصائل المختلفة، والتي تمتد جذورها جغرافياً عبر مناطق واسعة تحتل مكانة هامة بين المجتمعات البدوية والعربية بشكل عام. وفي هذا المقال سنتناول رحلة بحث موسّع حول فروع هذه القبيلة والتوزيع الجغرافي لها وملامح ثقافتها.
تنقسم قبيلة قحطان عادة إلى عدة فروع رئيسية تساهم جميعها في إثراء تنوع الخريطة السكانية للقبيلة. أول هذه الفروع هو فرع "الأزد"، والذي يُعد أحد أهم وأشهر فروعه التاريخيين والمعروفين باسم "أهل الحجاز". يمتلك هذا الفرع حضورًا بارزًا في العديد من المناطق مثل اليمن وحضرموت وجنوب المملكة العربية السعودية وحتى الصومال. ومن ضمن أبناء هذا الفرع البارزين آل البيت النبوي الشريف الذين اعتنقوا الإسلام مبكرًا وكان لهم دور مؤثر في نشر الدين الإسلامي.
فرع آخر مهم داخل نسيج قبيلة قحطان هو فرع "حمير" المعروف أيضًا بفروعه الثلاثة الرئيسية وهي: حمير اليمامة، وعبد بني خولان، وبنو كعب بن عمرو بن عوف بن عامر ماء السماء. يتميز كل واحد منها بمكاناته الخاصة ويترك بصماته الواضحة في الثقافة المحلية للتجمع العشائري الكبير لقحطان. يعيش بعض أفراد فرع حمير بشكل أساسي في جنوب المملكة العربية السعودية، بينما يستقر البعض الآخر في بلاد الشام والشام الغربي.
كما يلعب فرع "عنزة" دوراً محورياً أيضاً في تركيبة قبيلة قحطان؛ فهو معروف بخلفائه العديدة المنتشرة عبر الحدود الدولية بين العراق والأردن والسعودية وفلسطين وغيرها من الدول العربية الأخرى. إضافة لذلك، فإن هناك العديد من الفروع الفرعية الصغيرة ولكن ذات التأثير الملحوظ كتلك المنتمية لقبيلة "بنو أميّة"، والتي تعيش أساسا في سوريا وساحل البحر الأحمر المصري بالإضافة لأجزاء أخرى في المنطقة الزمنية الشرقية للمملكة العربية السعودية.
إن تمازج وتداخل الدور الاجتماعي والثقافي لهذه الفروع المختلفة يجعل فهم طبيعة مجتمع قبيلة قحطان أمر معقد إلا أنه جذاب للغاية ويتطلب دراسة متأنية لتاريخ العرب القديم وما زال يجذب اهتمام العلماء والمؤرخين حتى يومنا الحالي. إنها قصة حافلة بالأحداث والصراعات والحروب والحكم والحكمة التقليدية والنسجانية التي تتحدث عنها الروايات الشفهية منذ عشرات القرون الفائتة. وهكذا، نسعى لنقدم للقارئ نظرة شاملة ودقيقة لعالمنا العربي المضطرب الذي يعد جزءاً منه تراث وتنوع هذه القبيلة المجيدة -أي قبيلة قحطان-.