تعدّ أهرامات السودان واحدة من أهم المعالم الأثرية والأثر التاريخي في القارة الأفريقية والعالم الإسلامي. تختلف هذه الهرمات بشكل كبير عن نظيرتها المصرية الشهيرة ليس فقط من حيث الشكل والحجم، ولكن أيضًا فيما يخص الغرض منها وظروف بنائها. تمثل مجموعة الأهرامات السودانية دليلاً قوياً على الحضارة النوبية العريقة التي كانت تزدهر في المنطقة منذ آلاف السنين قبل الميلاد حتى القرن الرابع عشر ميلادي.
تقع أغلبية هذه الأهرامات في منطقة نوري قرب مدينة أم درمان حاليًا، والتي كانت مركزًا للحكم للدولة النوبية القديمة تسمى "ملكة مرويه". بدأ بناء تلك الأهرامات كقبور للملوك والنخبة الاجتماعية العليا خلال فترة ما بين العامين 250 و1500 ميلادي تقريبًا. رغم تشابه شكل بعضها مع الأهرامات المصرية، إلا أنها أصغر حجماً وتتميز بتصميماتها الداخلية الأكثر تعقيداً.
يتميز تصميم معظم هرم السودان بأن له قاعدة واسعة ومستويات متدرجة نحو الأعلى بدلاً من الزوايا الحادة للأهرامات المصرية التقليدية. كما تحتوي العديد منها على غرف وأدراج داخلية محفورة داخل الصخر نفسه، مما يشير إلى مستوى عالٍ من الهندسة والمعرفة الهندسية لدى بناة هذه الهياكل. بالإضافة لذلك، عُثِرَ كذلك على مقابر فخارية وفخاريات حجرية مزينة برسومات ونقوش تحمل علامات واضحة للتقاليد الدينية والثقافية المحلية آنذاك.
من أشهر أهرامات السودان هو هرم الملكة أم شيتاي، والذي يُعتبر الأكبر بحجمه بين كل الباقيات ويقدر ارتفاعه حوالي 74 متراً. أما بالنسبة للهرم الثاني فهو ملكة كايديوي السفلى، والذي يشتهر بنظام التصريف الفريد والمبتكر بمياه الأمطار عبر سلسلة من الأنفاق تحت الأرض لحماية الجثمان المدفون داخله. ومن الجدير بالذكر أيضاً وجود عدة مواقع أخرى مثل موقع جبل البركل وباميليك حيث يمكن مشاهدة المزيد من الآثار الرائعة لهذه الحقبة الزمنية المهمة جداً بتاريخ البشرية جمعاء.
إن زيارة هذه المواقع التاريخية تعد فرصة فريدة لاستكشاف الجانب غير المعروف نسبياً لعظمة حضارات إفريقيا القدماء وكيف أثرت الثقافات المتنوعة فيها عبر القرون الطوال. إن فهم تاريخ ودراسة جمال هذه التحف الخالدة يساهم بلا شك في توضيح الصورة الجميلة لتطور المجتمع الإنساني واستمراره.