تعد قضية المساحة الجغرافية لفلسطين ذات أهمية استراتيجية وحساسية سياسية تاريخياً وثقافياً. وفقاً للتقاليد العربية والإسلامية، تعتبر المنطقة الواقعة بين نهري النيل والفرات جزءاً أساسياً من الأراضي الفلسطينية التي تمتد عبر العديد من المناظر الطبيعية المتنوعة والمميزة. هذه الدراسة تحاول تقديم صورة شاملة ودقيقة لمساحتها التقليدية استناداً إلى الأدبيات التاريخية والخرائط القديمة والتقديرات الحديثة.
وفقاً لمصادر قديمة مثل كتاب "فتوح البلدان" للبلاذري وكتاب "المسالك والممالك" للفاسي، فإن حدود فلسطين التاريخية تشمل مناطق عديدة خارج الحدود المعترف بها دولياً اليوم. يقدر بعض المؤرخون أن المساحة الإجمالية كانت تتراوح ما بين 27,500 كيلومتر مربع وحتى 42,000 كيلومتر مربع. هذا يشمل القسم الشرقي للأردن الحالي بالإضافة إلى غور الأردن ومنطقة البحر الميت وجزء كبير من سيناء المصرية ونصف سوريا الحالية تقريباً.
فيما يتعلق بتضاريسها، تتميز فلسطين بمجموعة متنوعة من المرتفعات والسهول والبحيرات والأودية. على سبيل المثال، تلعب سلسلة الجبال الوسطى دوراً بارزاً في تحديد معالمها الجغرافية؛ فهي تتكون من عدة قمم رئيسية بما فيها جبل الشيخ (هرمون) جنوب لبنان وغرب سورية الشماليّة والذي يصل ارتفاعه لأكثر من 2814 متراً فوق سطح البحر. أما بالنسبة للمناطق المنخفضة فتبرز سهولة ساحلية ضيقة تخترقها نهر العوجا لنصب نفسها أمام شاطئ البحر المتوسط مباشرةً. كما تضم البلاد مجموعة رائعة من البحيرات الصغيرة والكبيرة نسبياً، كالبحيرة الصغرى والتي تعرف باسم بحيرة طبريا حالياً وهي واحدة من أغنى مصادر المياه العذب في الشرق الأدنى القديم بفضل مياه الأمطار الغزيرة وتيارات الأنهر المحلية.
من الناحية الزراعية، أثبتت التربة الصحرواية خصوبتها منذ القدم وذلك بسبب عوامل مختلفة منها توافر المياه الجوفية وموقع الأرض الاستراتيجي بالقرب من الطرق التجارية الرئيسية آنذاك مما جعلها مركزاً حيوياً لإنتاج مختلف المحاصيل الموسمية كالقمح والشعير وزيت الزيتون والحبوب الأخرى. بالإضافة لذلك فقد لعب موقعها البحري دور حيوي أيضاً لتجارة الثمار والاستيراد/الصادرات الغذائية بشكل عام.
وفي نهاية المطاف، تعد مسألة تحديد حدود وشكل فلسطين غير خاضعة فقط للتفسير القانوني الدولي وإنما مرتبطة ارتباط مباشر بالتراث الثقافي والديني للشعب الفلسطيني وأصحاب الحقوق المشروعة فيه كمجموعات عرقية ومتعددة العقائد الدينية والثقافية. وفي حين قد تنوع آراء الخبراء حول تقديرات دقيقة لهاتفها الفعلي بناءً على بيانات رسمية ومعلومات مستخرجة حديثاً، يبقى الأمر مؤشراً مهماً لاستمرارية نضالات الشعب الفلسطيني وصموده دفاعاً عن أرض آبائه وأجداده ضد الاحتلال والاستعمار الظلومان عليه وعلى حقوق شعبه المشروعة.