تقع صربيا، إحدى الدول الأوروبية ذات التاريخ الغني والمعالم الثقافية العديدة، ضمن الحدود الإقليمية المشتركة مع الجبل الأسود. وهذه الرقعة الجغرافية المضطرمة شهدت فترات زمنية عدة تحت مظلات سياسية مختلفة، امتدت لتشمل الاتحاد اليوغوسلافي السابق وحتى الانفصال الأخير للدولتين المستقلتين اليوم. وبالتالي فإن بحثنا هنا سيستعرض العواصم الرسمية لكلتا المنطقتين، بدءًا بتطور مضمار الحكم المركزي لما يعرف الآن بصربيا الحديثة وما شاب ذلك من مراحل محورية.
كانت مدينة بلغراد، الواقعة جغرافياً عند ملتقى أنهار "سافا" و"الدوناف"، العاصمة الموحدة لاتحاد صربيا والجبل الأسود قبل انهياره. وقد مرت هذه البلدة بتاريخ طويل يعود لأربعة ألاف سنة تقريبًا، مما يكسبها حضورًا ثقافيًا ومعرفيًا مميزًا عبر الزمان والمواقع المختلفة التي احتلت موقع الدولة الأم. وعلى الرغم من اضطراب الوضع السياسي داخل الاتحاد المتآكل، إلا أنها ظلت العنوان الرسمي للحكومة الوطنية حتى نهاية عقد القرن العشرين عندما حلت المصالح الخاصة لصربيا محل تلك الوحدة الأكبر. وبعد عملية التفكك الناجمة جزئياً عن الحروب الداخلية الدامية، ترسخ وجود بلغراد كمركز حاكم رئيسي مستقر داخل حدود جمهورية صربيا وحدها ابتداء من العام ٢٠٠٦ ميلادية.
أما regarding Montenegro - البلد الآخر المعروف سابقا بـTitograd- فهي تتميز أيضا بعاصمة لها تحمل اسم Budva ، لكن بمفهوم قانوني أكثر دقة ونطاق أدوار سلطتها المقيدة نسبياً تجاه المواطنين هناك مقارنة بنظيرتها الصربية الأكبر حجما سكانياً واقتصاديا . ويبرز خصوصيتها بانطلاق شبكات طرق مواصلاتها العملاقة تربطه مباشرة بإيطاليا والنمسا وجارتها الرئيسية الأخرى : خليج بوتري الشهير بجباله الشاهقة والتي تعد مصدر رزق أهل البلاد الرئيسي خاصة فيما يتعلق باستخلاص فلزات الصفائح والألومنيوم وغيرها من المنتجات الاستهلاكية الكبيرة والصغيرة وتوزيعها عالميا .
وفي النهاية، رغم تنوع التركيبة السياسية لسطح الأراضي الواقعة جنوب شرق أوروبا بشكل كبير طوال الأعوام الأخيرة، استمرت هاتان المدينتان كمؤشر بارز لقوة دولتيهما وحضور مؤسسات حكمهما للعامة والشأن الخارجي للسكان المحليين والعالميين أيضًا.
