تقع مدينة غيسن الجميلة في قلب ولاية هيس الألمانية، تحديدا عند نقطة تقاطع دوائر عرض 50.587270 شمالا وطول 8.675540 شرقا، ترتفع المدينة الرائدة بنحو 162 متر فوق سطح البحر. تتمتع هذه البلدة الحيوية بتاريخ ثري ومجموعة رائعة من المعالم التاريخية والتراث الثقافي الغني.

يعود ذكر المدينة لأول مرة في الوثائق التاريخية إلى العام 1197 ميلادي، ولكن لم تصبح اسمًا مألوفًا إلا بعد قرن ونصف عندما انضمت إلى مقاطعة هيس الرسمية في عام 1267 ميلادي. ظل مصير المدينة مرتبطا بهذه المنطقة حتى الفترة المبكرة من القرن السابع عشر. ومع ذلك، شهدت سنوات الاضطرابات الدينية أثناء فترة الحكم الإصلاحية قيام السلطات بتطهير وإبعاد الجالية اليهودية المحلية بشكل مؤقت خلال الأعوام 1350 و 1662 قبل إعادة قبولهم لاحقا واستقرارهم مجددا داخل مجتمع غيسن منذ سنة 1708 ميلادية. وخلال القرنان الثامن عشر والتاسع عشر نما وجود المجتمع اليهودي نوعيا وكأنسيابا بسبب تطوير المطبوعات بالعبرية وانتشار التعليم الفكري والأديان المختلف.

إذا انتقلت بنا الرحلة السياحية نحو المشاهد الأكثر جاذبية بصورة مباشرة، فقد ترغب بزيارة قلعتي "Die Neue Schloss" القديمتين وما يستتر تحت الأرض من آثار عريقة تعكس حقبة زمنية مضت؛ كالنظام الملكي والحكم المركزي لشعب هيسبانيا وحاكميه الأقوياء آنذاك وبعدهما دار الضيافة المسكون بروح الشاعر الكبير هاينرش هاينه والذي بات الآن متحفا للأعمال النثرية والشعر المكتوب بإنجازاته الأدبية المنوعة وفنه القصصي الخاص المتضمن لروايات قصيرة وغزيرة بالسجع الشعري المعبر والمؤلم أيضا بشأن حياة الفنان والفلسفة الإنسانية المؤثرة فيه وفي محيطها البيئي الاجتماعي كذلك! ولعل أكثر ما يجذب اهتمام المهتمون بالتاريخ الأوروبي الحديث هو استحضار ذكريات الحرب العالمية الثانية والدور الذي لعبته مجموعة صغيرة من السكان المدنيين الذين اختارو طريق النضال من أجل الحرية ضد النازيين رغم المخاطر الشخصية الهائلة المرتبطة بذلك القرار البطولي وقد رويت تفاصيل تلك المواقف بشجاعة خارقة لتتحول لاحقا الى مصدر إلهام لكل أحرار العالم... ومن اللافت للنظر ايضا رؤية حديقة جامعية تضم تنوع الطبيعة الخلاب المصاحب لعصر النهضة العلمية الحديثة وسط أجواء طلاب الجامعات والمعلمين الأكاديميين المقيمة بجوار مباني مؤسسة جوستوس ليبسكي العريقة ذات الاسم العالمي المرموق عالميا لمنظومة البحوث التطبيقية الدقيقة والكواكب الخاصة باختبار نظريات الفيزياء والنظر اليها باستعارة التجارب العملية الحسية المباشرة المعتمدة عليها نظرية الظاهرة الكمومية ...كما تستحق مساحة واسعة لعرض مقتنيات متحف الفنون الجميلة التركيز والبقاء فيها لفترة طويلة لإعادة تجديد روح البشر وانطلاق خيالهم للتعمق والاسترسال عبر ابداع وتنوّع الأعمال التشكيليه متنوعة الاغنيات الفنية للجداريات ولوحات الرسامين الرومانطقين والدهانات التجريدية البصرية وغيرها الكثير مما يسمونه عموما بالمدرسة الواقعية المنفرجة للعقل وليس بالفعل كما يدعى البعض بانها مجرد تأويل شخصي محصور بالنطاق الواسع للخيال الانساني المرئي والمبلور داخله ..هذه بعض الحقائق حول مدينة غيسن؛ مكان نابض بالحياة يحيا بالقرب من مركز أوروبا الثقافي والروحي بما تحتويه كنزا ثمينا للحاضر والماضي الإنساني المشترك .