مدينة المنصورة: تاريخ وثقافة وإرث معماري غنيّ

التعليقات · 2 مشاهدات

تُعتبر مدينة المنصورة واحدة من أبرز المدن المصرية التي تزخر بتاريخ حافل وظروف جيوسياسية مثيرة للاهتمام. تقع هذه المدينة الجميلة شرقي نهر النيل، على مس

تُعتبر مدينة المنصورة واحدة من أبرز المدن المصرية التي تزخر بتاريخ حافل وظروف جيوسياسية مثيرة للاهتمام. تقع هذه المدينة الجميلة شرقي نهر النيل، على مسافة نحو 45 كيلومتراً جنوب غرب مدينة دمياط الشهيرة، بينما تبعد شمال شرق العاصمة المصرية القاهرة بحوالي ١٢٠ كيلو متراً. ويُعتبر اسم "منصورة" تجسيداً لشجاعة ومثابرة الشعب المصري خلال حملةٍ بارزة ضد الغزو الغربي في القرون الوسطى. يعود الفضل إلى الملك الموحديوبي الكامل محمد ابن أبي بكر أيوب - مؤسِّس المدينة نفسه - بإحداث نقلة نوعية عندما قرر إقامة حصن قوي كخط دفاع أخير لمصر أمام القوات الصليبية المتقدمة باتجاه الشمال الشرقي لدولة المماليك آنذاك. وتم تنفيذ هذا المشروع الضخم والاستراتيجي بعد أقل من يومين فقط من خسارة دامِياط لصالح الغزاة الأوروبيين المفعمين بروح المغامرة والحماسة القتالية العالية قبيل العام ألف ومائتين وتسعة عشرة ميلادية وفق التقويم الغريغوري الحديث. ومنذ تلك اللحظة التاريخية البارزة بدأت تكتسب منطقة المنصورة شيئاً فشيء معالم حضارية جديدة تدفع بها نحو مستقبل أكثر ازدهاراً وانتشارا بين مختلف الأنحاء الآسيوية والأوروبية آنذاك أيضاً؛ مما جعل منها مركز جذب للسكان والمستثمرين على حد سواء نظرًا لقوة تحصيناته المذهلة والتي كانت تعكس عمق مكانته السياسية حين ذاك.

ومن الجدير بالذكر أنه رغم تعرض بعض مناطق محافظة الدقهلية لحالة ركود اقتصادي طويل المدى نتيجة لعوامل عدة مثل الظروف البيئية والجغرافية وغيرهما إلا أنها شهدت نهضة ثقافية واجتماعية كبيرة بفضل اهتمام السكان المحليين بالحفاظ على تراثهم الثقافي الرائع عبر الزمن والذي يتمثل اليوم –على سبيل المثال– بوجود آثار ومعالم مميزة كتلك المرتبطة باسم الفنانة العالمية "أم كلثوم". إذ قامت السلطات المحلية مؤخرًا بتكريمهما صرحًّا جديدًّا وسط المدينة يحمل صورة معدّة بطريقة ثلاثية الأبعاد للمغنية ذات الصوت الرخيم وهي تقف مبتسمة راقية فوق أحد مرتفعاتها الطيبة المستمدة مباشرةٌ من روح إبداعاتها الموسيقية الخالدة حتى وقتنا الحالي! ولا يمكن تجاهل دور المساجد القديمة أيضًا كرمز انتقالي لروحانية المجتمع وعراقة موروثاته الإسلامية القديمَين. فعلى سبيل المثال يعد "مسجد الموافي"-وهو واحد ممن ذكرتهم النصوص سالفة الذكر سابقًا-"نموذجًا رائعا للحرفية الهندسية المُتقنة بالإضافة لتوفير بيئة داعمة لإعادة صقل الجانب الروحي للمصلين بمختلف طبقاتهم الاجتماعية المختلفة داخل أسواره المباركة منذ القرن السابع الهجري وبداية العصور الوسطى بالمفهوم الإسلامي ذاته.

وفي ضوء كونها وجهة بحرية ساحلية للنيل الكبير فإن أهل المنصورة يستمتعون بكل ما تقدمه لهم الطبيعة جنباِ إلى جنب ممتلكاته المبنية عليها وعلى مشارفها الخارجة عنها كذلك ؛حيث قد عرف معروفٌ بأن هناك أماكن عامة مفتوحة وغابة زهور خصبة تمتد لمساحة كبيرة بالقرب من مجرى الماء تسمَّى بـ "جزيرة الورد"، وكذلك حديقة الحيوان المقيمة بجوار جزء آخر غير صالح للاستصلاح الزراعي حاليًا والمعروف محليا باسم 'تاوريل'. وكلاهما مثالان بارزان لاستخدام العقارات العامة بشكل مدروس ومتكامل بما يتماشى واحتياجات الجمهور المختلف الطبائع وسنوات عمره متنوعة السنون أيضا .

ومن المؤكد أن تطوير مجال الخدمات والترفيه فيها سيؤدي بلا شك للشروع بخطة شاملة تسعى لتحويل الوجه البحرى لمدينة المنصوره الي منتجع هادئ مناسب للعائلات الصغيرة والكبار علي حد سواء ، ليسجل بذلك انعطافته الجديدة ضمن مساره الطموح ليكون فريدا خارج اطار محافظات البلاد الأخرى داخلاً تحت مظلات اكثر تخصصا وشدة تركيز فيما يختص بالسياحه الداخليه والصفقات التجاريه والعقاريه.. فتذكروا جميعآ دوماً : ' اذا اردتم تغيير الواقع بادرو باقتلاع جذوره' !

التعليقات