• صاحب المنشور: عمران المرابط
  
  ملخص النقاش:
  مع التطور الهائل للتكنولوجيا الحديثة وتزايد اعتمادها في مختلف القطاعات الاقتصادية، شهد العالم تحولا رقميا هائلا. هذا التحول الذي يمتد عبر كل جوانب المجتمع، أثّر بصورة مباشرة وغير مباشرة على سوق العمل العالمي. هذه الظاهرة التي تحمل فرصاً كبيرة للنمو والتقدم، تعترض أيضا مجموعة من التحديات التي يتعين التعامل معها بحكمة لضمان الاستفادة القصوى منها.

في البداية، يُعدّ التحول الرقمي مصدرًا رئيسيًا لتوفير وظائف جديدة لم تكن موجودة سابقا مثل مطوري البرمجيات، خبراء البيانات الكبيرة، والمهندسين الإلكترونيين المتخصصين في الذكاء الاصطناعي والأتمتة. هذه الوظائف تتطلب مهارات وقدرات فريدة يمكن تطويرها من خلال التعليم المستمر والتدريب المهني. بالإضافة إلى ذلك، يساهم التحول الرقمي في خلق بيئات عمل أكثر مرونة حيث يستطيع العديد من العاملين العمل عن بعد باستخدام التقنيات الرقمية.

ومع ذلك، يأتي جانب آخر لهذه القصة وهو فقدان الوظائف نتيجة للأتمتة والاستبدال الآلي للعاملين البشر. تظهر الدراسات أنه قد يتم استبدال بعض المهن التقليدية بالروبوتات وأنظمة الأتمتة مما يؤدي إلى انخفاض الطلب عليها وبالتالي تقليل فرص العمل بالنسبة لأصحاب تلك الصفات الوظيفية المحددة. ومن الأمثلة الشهيرة لهذا الأمر قطاع التصنيع، حيث أدت الأنظمة الروبوتية الحديثة إلى الحد من الحاجة للموظفين اليدويين.

ومن ناحية أخرى، فإن الفجوة الرقمية بين الدول والأقاليم المختلفة تشكل تحدياً كبيراً. فبينما تستفيد بعض المناطق من جهود التحول الرقمي وتحصد ثمارها اقتصادياً واجتماعياً، تبقى مناطق أخرى متأخرة بسبب قلة البنية التحتية أو الافتقار إلى التدريب المناسب أو حتى عدم القدرة على الوصول إلى الإنترنت الأساسي. وهذا يعني وجود فوارق اجتماعية واقتصادية أكبر داخل الدولة الواحدة وخارجها أيضاً.

وفي النهاية، يعد التحول الرقمي فرصة عظيمة لتحقيق تقدم كبير ومستدام بشرط إدارة تأثيره بطريقة استراتيجية ومتوازنة. إن ضمان حقوق العمال وتعليمهم وتحديث مهاراتهم، فضلاً عن تخفيف حدة الفوارق العالمية، هما عوامل حاسمة لتحقيق نجاح مستدام أثناء رحلة التحول نحو العالم الرقمي.