شوشتر، تلك المدينة الجميلة الواقعة في جنوب غرب إيران، هي جزء لا يتجزأ من محافظة خوزستان. منذ القدم، عرفت باسم "تستر"، ولكن اسمها الحالي مُستمدٌ من اللغة الفارسية. تتميز شوشتر بموقع استراتيجي فريد، إذ تقع على هضبة صغيرة بالقرب من ملتقى نهر الكارون وروافده الأخرى.
كانت هذه المدينة ذات أهمية كبيرة خلال العصور القديمة بسبب اعتنائها الكبير بالزراعة المروية، مما جعلها مركزًا تجاريًا مهمًا في المنطقة. تعد بنيتها العمرانية المتينة إحدى عجائب الهندسة القديمة في الشرق الأوسط، حيث تحتوي العديد من المباني الضخمة المصنوعة بالحجر الصلب والتي تعكس ثراء وتاريخ المدينة.
ومن أشهر معالم شوشتر "زير زمين" - وهو نظام شبكة تحت الأرض يستخدم كملاجئ طبيعية خلال موجة الحر الصيفية الحادة. يساهم موقعها الجغرافي أيضًا في تنوع الحياة النباتية والحيوانية المحلية، مما يجعل منها وجهة سياحية جذابة للغاية.
لكن ما يلفت النظر حقًا في شوشتر هو نظام الري القديم الذي يعود تاريخ إنشائه إلى حوالي العام الخامس قبل الميلاد. يعد هذا النظام الرائع مثالاً مبكرًا للتخطيط الهندسي البيئي، ويعتمد بشكل أساسي على قنوات نقل مياه ضخمة عبر دورات وأنفاق متخصصة لتوجيه تدفق المياه للحفاظ على المساحات الزراعية حول المدينة. حتى اليوم، لا تزال بعض جوانب هذا النظام تعمل بكفاءة عالية، مما يشهد على براعة وحكمة المهندسين الذين قاموا بتصميمه وتنفيذه.
بالانتقال إلى الجانب السياحي، تقدم شوشتر مجموعة متنوعة من المقاصد المثيرة للاهتمام مثل قلعة سلاسل الشهيرة ونظام إدارة المياه وبنك المستويات وكذلك جسور وأحواض ومراكز الطاقة المختلفة المرتبطة بالنظم الهيدرولوجية الاستثنائية الخاصة بها. بالإضافة لذلك، توفر الخصائص الطبيعية الخلابة ومن ضمنها تساقط المياه من مرتفع إلى سفوح منحدر بطريقة مذهلة فرصة رائعة للاستمتاع برحلات سفر ممتعة داخل المدينة وخارجها أيضا. يوجد حاليًا أكثر من سبعة وثمانون ألف شخص يسكن شوشتر ويعيشون حياتهم اليومية وسط ذلك المشهد الأخضر المنظوم بخيوط ذكية مصممة بواسطة الأفكار الإنسانية الناجزة وطموحاتهم للعظمة الدائمة .