مدينة مكناس، الواقعة بشمال وسط المغرب، هي شهادة حيّة على تاريخ غني ومتنوع امتد عبر العصور. منذ أن أسستها قبيلة الزناطة البربرية في القرن العاشر الميلادي، تطورت هذه المدينة لتصبح واحدة من أهم الحواضر عبر تاريخ المنطقة.
كانت مكناس نقطة عبور تجارية رئيسية تربط مناطق مختلفة، قبل أن تصبح عاصمة للدولة المغربية خلال الحقبة الموحدية. في ذلك الوقت، شهدت فترة ازدهار معماري ملحوظ، مع بناء نظام مياه مبتكر وانتشار الأحياء الجديدة.
لكن ما يعكس جمال وروعة مكناس بشكل خاص هو تراثها الثقافي والتاريخي الفريد. إليك بعض المواقع والمعالم البارزة التي توضح عمق هذا التراث الغني:
وليلي: مرصد لحقبات الزمن القديمة
ويليلي ليست مجرد موقع أثري - إنها نافذة مباشرة نحو الماضي. تحكي آثار المدينة القصة الطويلة لأكثر من ألف سنة، بما فيها بصمات حضارات مختلفة تركتها خلفها. تأتي أهميتها من أنها كانت العاصمة الأولى للمملكة الموريطانية، مركزاً هاماً للسلطة والثقافة. تشمل الآثار المحفوظة هناك بنايات يعود تاريخها لسلالة سفيريان، منها "الكابيتول" الشهير، بالإضافة لقوس الإمبراطور كاراكالا وغيرها الكثير. رغم مرور القرون العديدة، إلا أن هذه الآثار ظلت شاهداً على عبقرية الهندسة والإبداع الإنساني القديميين.
مولاي إدريس: رمز للتدين والحنين التاريخي
بالانتقال جنوباً قليلاً، ستجد قرية صغيرة لها تأثير كبير خارج حدودها. مولاي إدريس، رغم كونها موطنًا فقط لنحو 5,000 شخص حاليًا، فهي وجهة مقدسة ومكان تجمع السنوي للحجاج الإسلاميين بسبب ارتباطاتها الدينية الجادة. تم تسميتها بهذا الاسم تكريمًا لطائفة رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي يعد مؤسس أول دولة إسلامية محلية بالمغرب والأولى أيضًا بتبجيل النبي محمد عليه الصلاة والسلام رسميًا باسم "إمام". يقام بمولاى إدريس كل عام مهرجانات دينيه وجماهيره كبيرة للغاية.
باب المنصور: شاهد على قوة سلطنة الاسماعيلية
وفي قلب مكناس نفسها يوجد باب المنصور الضخم والمذهل. هذا البوابة العملاقة، والتي اكتمل بنائها أثناء عهد الملك اسماعيل عام ١٧٣٢ ميلادية ، تعتبر واحدة من أجمل وأبرز أبواب المدن الموجودة حتى الآن بشمال افريقيا . تعمل كنقطة فصل واضحة بين قسمين أساسيين داخل المدينة : الجزء المديني التقليدي وبقية المناطق الأخرى الأكثر اتساعا . يؤكد تصميم الباب الكبير على المكانة السياسية والعسكرية للملك اسماعيل وقتها حين بدأ مشروع إعادة هيكلة مدينه مكناس فأعطاها شكل أكثر توسعا وحداثة خاصة بعد دخوله مرحلة النمو السريع والسريع توسعه العمراني الخارجي أيضا .
هذه فقط ثلاث قصص مختارة من كثيرة تتداخل بطرق متشعبة ضمن شبكة واسعة واحتفالية للأحداث الوطنية والثقافية والدينية التي تحافظ عليها وتعيش اليوم بكل حياة وحركة في مدينة مكناس القديمة الجميلة والفريدة من نوعها .